ثارت الحكومة على نفسها أم انتفضت على عرابيها، أم هي عوارض صحية لا بد أن تعالجها الطبقة السياسية بالأسلحة المناسبة فتعيد حسان دياب الى دائرة السيطرة؟ ام هو انتصار عابر في الوقت الضائع سببه عدم إنجاز حزب الله التوافق بين المردة و التيار الحر على اقتسام الحصص.
نعم لقد رفض الرئيس دياب في اجتماع مجلس الوزراء في بعبدا الطريقة التي تم فيها إعداد لائحة المرشحين الذي سيتولون المواقع المالية التقريرية في الدولة.
لكن النتعة التي شكلت إدانة للطبقة السياسية المتحكمة بما بقي واقفا من جسم الدولة المهلهل ، أدت الى تطيير التعيينات المفروضة ، ولكن من غير افق زمني و لا أمل بثورة على الذات تؤدي نهاية المطاف الى الإتيان بالافضل من بين الخبراء والأخصائيين، بل جل ما فعلته غضبة حسان انها رحلت هذا الملف الى أجل غير مسمى فيما الادارة بأمس الحاجة الى دم نظيف جديد يسري في عروقها في هذا الظرف العصيب.
ورغم السقوط في فخ اللجان والبحث عن قانون جديد لقبول الموظفين بدلا من تفعيل الموجود، لا يسعنا إلا الشد على يد الرئيس دياب ودعوته الى الانتقال من الدفاع السلبي الى الهجوم البناء لأن شعب 17 تشرين لم يمت وإرادته اعلى وأغلى من رغبات الطبقة السياسية وفجعها، والكورونا عطلته لكنها لم تقتله ولم تقتل إرادته ولم تشلحه أحلامه، وهو يمهل ولن يهمل
أما ملف استعادة المغتربين الهاربين من جهنم الكورونا الى لبنان ، فتلقت الخطة الحكومية لتنفيذه ضربة اصابته بشلل نصفي وهو في المهد، إذ رفض عدد من الدول الأوروبية والإفريقية ، دخول الفرق الطبية الى مطاراتها وإجراء الفحوص المخبرية لكشف الكورونا قبل دخول الركاب الطائرات ، فيما يصر الرئيسان عون ودياب على أن لا يدخل الطائرات إلا من خضعوا للفحوص ، علما أن دولا كثيرة ترفض الفحوص إلا لمن تظهر عليهم عوارض الفيروس .
كل هذا ادى امرين سلبيين وسؤال : الأمر الأول ، تقليص عدد الرحلات الى الربع والثاني وهو الأخطر العودة بالركاب الى لبنان ، السليم منهم والمصاب ، على ان تجرى الفحوص لهم في لبنان ، ما سيرفع مخاطر انتقال العدوى الى درجات ينهار معها النظام الصحي اللبناني المترنح اصلا.
أما السؤال فهو الآتي : هل مقبول إعداد خطة بهذا الحجم من دون مخاطبة السلطات في الدول حيث يتواجد المغتربون ، وبالتالي من المسؤول عن إضاعة الوقت الثمين حيث إنقاذ أرواح اللبنانيين يجب ان يحتسب بالثواني لا بالأيام ولا أن يلزم الى مقابر اللجان .
في الأثناء ، عدد المصابين بالفيروس يرتفع في لبنان ليلامس عتبة الخروج عن السيطرة ، فيما اللبنانيون يسرحون في الشوراع والساحات فاتحين أذرعتهم لملاقاته بلا وازع من ضمير ، ولا رادع سلطويا يردعهم ، و “يا عيب الشوم “، ما عادت تعبيرا يوازي الجرم المتمادي المرتكـب. وحتى الأمس كان الكلام عن الإنماء المتوازن لكن ما تحقق هو الفلتان المتوازن .