ما يحصل لا يصدق. لبنان واللبنانيون في مهب الكورونا صحيا ومعيشيا واقتصاديا، وبعض من في الحكومة والحكم, مشغول بسد بسري! ففيما الناس يعيشون خوفا قاتلا من تمدد الفيروس الخبيث ووصوله الى مرحلة الاحتواء؛ وفيما الفئات التي تحت خط الفقر تشكو وتئن ولا من يسمع شكواها؛ وفيما السلطات الامنية عاجزة عن اقناع الناس بالبقاء في البيوت رغم التعبئة لأن الجوع كافر؛ وفيما الاوضاع الاقتصادية للناس تتدهور, والعاطلون عن العمل يتحولون اكثرية ..
في غمرة كل هذه الاوضاع المأسوية لم يجد بعض اركان السلطة افضل واجدى من استكمال تنفيذ سد بسري، وعلى عينك يا شعب! فهل تمرير المشروع المشبوه مسموح ؟ وتحديدا هل مسموح رصد حوالى 630 مليون دولار لمشروع مشكوك في جدواه في حين ان أضراره البيئية ومخاطره الجيولوجية ثابتة واكيدة؟ وهل اليوم وقت تمرير صفقات لبعض من هم في السلطة؟ اليس من الاجدى الاستفادة من هذا المبلغ لدعم اللبنانيين معيشيا، حتى لا يموت من ينجو من الكورونا من العوز والجوع؟ أكثر من ذلك.
ان عودةَ المغتربين اللبنايين المقررة بدءا من الاحد المقبل تواجه صعوباتٍ كثيرة، منها لوجستية ومنها مع الدول حيث يتواجد اللبنانيون.
لكن هناك سبب قوي آخر يتعلق بالمال. ذاك ان العائق عند بعض الفئات يتمثل بغلاء اسعار بطاقات السفر، فلماذا لم تقرر الجهات الرسمية صرف مبلغ من مئات ملايين بسري لاعادة اللبنانيين المنتشرين في العالم، وخصوصا ان سعر تذاكر السفر سيكون مرتفعا ويبلغ احيانا اربعة اضعاف سعرِها في الرحلات العادية؟ بانتظار الجواب، الذي لن يأتي على الارجح، صفقة بسري مستمرة شاء من شاء وأبى من أبى .
توازيا، عداد الكورونا كان رحيما نسبيا باللبنانيين اليوم، فلم يسجل اكثر من اربع عشرة اصابة جديدة. في المقابل: استمر الناس في مخالفة قرار التعبئة، فشهدت الطرقات حركة لافتة، كما رصدت تجمعات في عدد من المناطق .
ولأننا فقدنا ثقتنا بالدولة وبانها ستتخذ اجرءات رادعة لتنفيذ قرار التعبئة، فانه لم يبق امامنا سوى رحمة السماء. لكن هل تحل الرحمة حقا على ناس لا يرحمون انفسهم وعائلاتهم ومجتمعهم؟