لا شعنينة لأطفال لبنان هذا العام، لأن أكتاف الآباء لا تقدر على حمل أوزانهم فوق الأعباء المتراكمة التي أحنت ظهورهم منذ ما قبل اجتياح الكورونا، ولأن لا مكان لغير الهموم المتثاقلة على أكتاف الأمهات، والجهد كان كبيرا لإيجاد فسحة أمل في المناسبة الدينية، لترطيب القلوب وطمأنة العقول التي ملأها القلق والشجون.
لكن، وفي استعارة حلوة مستحقة من طقوس الشعنينة، ورغم بعض الشوائب، لعبت الـ MEA، دور الحمال الصبور على أكمل وجه، فنقلت إلى أحضان الوطن بعضا من أبنائه المشتتين في المغتربات، ولعبت الحكومة خصوصا، والدولة عموما دور الأب الراعي والحامي، إذ جندتا كل ما تملكانه من مقدرات: من طواقم صحية وأمنية وسياحية، ووضعتها في تصرف اللبنانيين العائدين، بحيث وفرت الانتقال الآمن لهم وللبيئة الأهلية التي ستستقبلهم، وبأعلى المعايير.
مشروع إعادة الراغبين من المغتربات سيستكمل بهدوء ولكن بثبات، على أمل أن يتجاوز العقبة المتمثلة في نسبة الإصابات بين العائدين، والذي يرجى ألا تتجاوز طاقة الاستيعاب والعلاج في نظامنا الصحي المستهلك الذي يعمل بطاقته القصوى. والنقطة الإيجابية أن نتائج فحوص ركاب طائرة الرياض جاءت كلها سلبية، والعقبى لركاب الطائرات الباقية.
هذا في صحة الدولة والناس، أما في الواقع الآخر المرتبط بالشؤون المالية والتموينية، فقرار الحكومة تحرير أموال صغار المودعين ممن يملكون خمسة ملايين ليرة في المصارف وما دون، فإن الخطوة وبقدر ما أراحت هذه الفئة نظريا حتى الساعة، فإنها أثارت غضب جيرانها من الذين يملكون بضع ليرات أو بضع ملايين أكثر كمدخرات، فهؤلاء لا ينتمون إلى فئة الأغنياء طبعا، ولا ندري إذا كان من يملك عشرة أضعاف هذه المبالغ، يمكن أن ينتمي إلى صفوف الميسورين وقد كسر الدولار حاجز الثلاثة آلاف ليرة.
ولا تتوقف الهموم عند هذا الحد، إذ يتعين على الحكومة إيجاد خطة النهوض، وسط واقع مالي- اقتصادي مزر يتحول ويتبدل حتى صار أشبه بفيروس كورونا، فيما الجسم والمناعة الوطنيتان يضعفان يوما بعد يوم.
في هذه الأجواء يسعى الرئيس عون، مع سفراء دول مجموعة الدعم للبنان الذين استدعاهم إلى بعبدا الاثنين، إلى بث بعض الحرارة في نظرتها الباردة إلى لبنان، تحفيزا لها على مساعدتنا عينيا وماليا لمواجهة تبعات الكورونا الاقتصادية والمالية والصحية.
توازيا، يسعى وزير الداخلية إلى تخفيف “طحشة” اللبنانيين على الشوارع حيث تكمن لهم العدوى، فابتدع نظام السيارات ذات الأرقام المفردة والمزدوجة للتنقل، فأي حيل سيبتدعون في المقابل لإفشال مسعاه لمنعهم من معانقة الكورونا؟.