الوضع الإقتصادي- المالي مخيف إلى درجة صار العقال يخشون انحسار موجة الكورونا، بما يطلق اللبنانيين من سجونهم الصغيرة على مساحة الوطن، ويتيح لهم استرجاع حرية التنقل. والخطر في هذا المشهد المغرق في الواقعية، أن عددا كبيرا من قوى الإنتاج، لا نجرؤ على تحديده، سيجدون مصادر أرزاقهم وأعمالهم ومعاملهم ووظائفهم، قد تبخرت.
ورب قائل إن الصورة هذه متشائمة جدا. وكنا لنوافق المتفائلين لو أن الحكومة والسلطة باشرتا العمل على إيجاد الحلول، ووضعتا الخطط الإنقاذية الضرورية لمواجهة الأزمة، لكن ما نشهده ليس سوى مبادرات متعثرة على شاكلة “فالس” حزين يبدأ بخطوتين ناقصتين إلى الأمام، لينتهي سريعا بالتراجع مصحوبا بسلسلة من الدعسات الناقصة.
هذا ما حصل تكرارا على جبهة الأزمة المالية، وهذا ما حصل مرارا على جبهة التعثر الاقتصادي، وهذا ما حصل جهارا على جبهة التعيينات القضائية والإدارية. هذا الأداء دفع البلاد في مسار إنحداري نحو كوكتيل من الأزمات المتنوعة والقاتلة، التي يخشى جديا أن تستدعي ثورة اجتماعية وغير اجتماعية أقوى من ثورة 17 تشرين وأقل انضباطا منها، وقد بدأت طلائعها بالظهور. فالتجارب والخطط الاقتصادية فشلت حتى الساعة، ومحاولة لجم سعر الدولار لن تنجح، لأن سكب الدولار في خزائن الصرافين سيستنزف المركزي وسيكون مفعولها تخديريا لا علاجيا.
في السياق، مبادرة “المركزي” تشبه إلى حد بعيد الخطوات التي قام بها منذ التسعينيات عندما مول عجز الدولة، و التي وللمفارقة جلبت عليه الإدانة من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بدلا من الثناء.
وسط الضياع الحكومي، المجلس النيابي الذي يستشعر هول الكارثة، سيباشر بدءا من الثلاثاء درس و إقرار سلسلة قوانين تلطيفية، يساعد من خلالها القطاع الاستشفائي على البقاء لمحاربة الكورونا، إضافة إلى قانون عفو مدروس لتخفيف اكتظاظ السجون، وتشريع زراعة القنب وتصنيعه بما قد ينتج فرص عمل ومردودا ماليا مستداما لآلاف العائلات.