رمضان كريم . رغم كل الهموم المالية والصحية والاقتصادية ، يسعى بعض اهل السلطة ممن فشلوا في المحاسبة وفي محاربة الفساد وملاحقة الفاسدين ، وامتنعوا حتى الساعة عن إيجاد العلاجات الفعالة للمشاكل القاتلة التي تكاد تودي بالدولة ، يسعى هؤلاء الى الانتقام انتقائيا من حارس بيت المال وضابط إيقاعه حاكم المصرف المركزي رياض سلامة .
المعيب في الأمر أن ما يرتكبونه ليس تصحيحا شاملا بل هو انتقام منفرد معزول ولا يستهدف اي مسؤول آخر من الذين رسموا ويرسمون السياسات النقدية في لبنان ، ومسعاهم هذا إن نجح سيكون أشبه بتبديل محرك طائرة وهي تحلق في الجو وعلى متنها مئات الركاب ، وهذا يرقى الى مستوى الجريمة المدبرة ، إذ يعرف من يطاردون سلامة الأضرار الكبيرة ، الرئيسة والجانبية ، لهكذا إجراء في الظرف المالي والاقتصادي المهترىء الذي تمر به البلاد ، وهنا يحذر العقلاء من أنه إذا استطاب المهاجمون دم سلامة فإن أحدا لن يردعهم عن إسقاط مؤسستين استراتيجيتين أخريين من خلال استهداف القيمين عليهما.
في السياق نسأل الحكومة التي عجزت وتعجز عن نقل بواب أو ترقية شرطي و امتنعت حتى الساعة عن إعداد خطة النهوض الموعودة ، ولم تستطع تعيين نواب لحاكم المصرف المركزي ، كيف تسمح بالتسويق لاستبدال الحاكم، وهل فكرت بالانتحاري البديل ، أم أنها تتكل على أن البديل سيأتي كما تفعل هي الآن ليحاسب رياض سلامة ويحمله مسؤولية الإرث الثقيل من دون أن يبادر الى أي عمل إصلاحي يلجم تفلت الدولار وينقذ ما بقي لليرة من سمعة وقيمة. ام ان مهمة الحاكم المفترض ستكون هدم الهيكل المالي وهيكليته لمجرد أن حزب الله وبعض السلطة قررا إزاحة الحاكم، وإن اختلفت دوافعهما.
في هذه الأجواء اجتمع مجلس الوزراء للتداول في الشأن المالي وبدلا من إعلان خطة النهوض الموعودة، إذ برئيس الحكومة يخرج ومن قصر بعبدا ليهاجم بالمباشر وبعنف حاكم مصرف لبنان ويتهمه بما يشبه التآمر على العملة الوطنية . وإذا لم يؤد الأمر الى إقالة سلامة فإنه ومن الآن وصاعدا سيتعذر التقاء الحكومة والحكم والمتحكم بأمرهما والحاكم، ما سيضع الليرة في حال احتضار وانهيار. توازيا درس مجلس الوزراء خطة المجلس الأعلى للدفاع للتخفيف المرحلي من إجراءات التعبئة العامة والتي مددها الى 10 أيار و قسمها الى خمس مراحل تمتد الى الثامن من حزيران.