لا أيها اللبنانيون، لا تزال حكومتنا بعيدة كل البعد عن مقاربة الأزمات المحرقة المتدحرجة التي تحرك الناس وتدفعهم بجوعهم وخوفهم على مصيرهم الى الشوارع والساحات . وكيف نأمل بأن تجترح هكذا حكومة الحلول، وقد تحولت هي أزمة لنفسها ولحماتها قبل أن تكون أزمة للبنانيين . فرئيسها يتخبط حتى الساعة بين التماهي مع الثورة والنطق باسمها تارة ، واتهامها بأنها أداة يستعملها خصوم الحكومة للانقلاب عليها وتفشيلها ، تارة اخرى . و يبدو أن الحكومة تتعاطى بالعقلية نفسها مع الأزمة المالية -الاقتصادية، وقد بات واضحا أنها تنفذ اجندة خطرة من شأنها، إن نجحت في إمرارها، أن تغير وجه لبنان، بدليل ان الحكومة تبدد الوقت والجهد في معارك دونكيشوتية مع حاكم مصرف لبنان ومع اشباح التركة الثقيلة، ومع الاعلام الحر، و بدلا من الإعداد لحرب منهجية شاملة على الفساد وكل المفسدين، نراها تصرف الوقت على قوانين جديدة بدلا من تفعيل القوانين الموجودة ، وتبذر المال على استشاريي التدقيق، فيما الدولة تختنق بموظفيها واختصاصييها الذين تدفع لهم أجورهم و تمنعهم من العمل.
ولا يتوقف التقصير هنا، ففي الشأن المعيشي تتخلف الحكومة عن نجدة الناس مستسهلة الإعاشة وتتركهم لقمة سهلة أمام وحش الدولار الممانع، رغم أنها تعاين كيف أن الشعب انتصر على خوفه من الكورونا، و دفعه جوعه للنزول الى الشوارع والساحات، وسط جنوح واضح لتخليه عن السلمية الذي قد يتدرج نحو الأسوأ، وهي مرتاحة الى وضع الجيش في مواجهة أهله مع ما يستدرجه ذلك من مخاطر. في هذه الأجواء ، اجتمعت الحكومة مشكورة ، من إجل إيجاد السبل لمحاربة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة والمهربة، علما بأن الاجتماعات التي تلت التكليف وواكبت التأليف وتبعته، وهي بالعشرات، عالجت هذه المسائل وشكلت لها اللجان العقيمة. في السياق، ينتظر اللبنانيون الأربعاء رد حاكم مصرف لبنان على الاتهامات التي وجهها اليه الحكم والحكومة، فهل يكشف المستور ويشير بالإصبع الى المرتكبين و الارتكابات، أم أنه سيدور الزوايا بعد التراجع المرتبك للسلطة عما ساقته ضده ؟ في أي حال، عيار منسوب الرد يبقى غير قابل للقياس ، خصوصا بعدما أعلنت أوساط اللواء عباس ابراهيم انه لم يكن يقوم بوساطة لوصل ما انقطع بين دياب والعهد وسلامة، مؤكدة أن لقاءاته سلامة كانت للبحث عن سبل لجم ارتفاع الدولار.