الأسبوع الماضي شكل مسرحا أدانت الحكومة نفسها على خشبته في أكثر من مجال ومناسبة. أدانت نفسها، لما اضطرت تحت ضغط الإعلام إلى الإعتراف بأن نزيفا كارثيا مزمنا ومتماديا اسمه التهريب يحصل عبر الحدود مع سوريا، يتم بتواطؤ من القيمين على مقدرات الدولة وحراس خزاناتها وسيادتها ومصالح شعبها.
أدانت نفسها عندما صارت مئات الصهاريج المحملة بالمازوت والشاحنات المحملة طحينا وملايين الدولارات، صارت مرئية وقابلة للتوقيف والحجز، بعدما كانت منذ التسعينات شبحية غير مرئية وسائقوها ومسوقوها من صنف حراس الأمة الأعلى من أي قانون.
أدانت نفسها عندما ظهرت منقسمة أمام مفاوضي صندوق النقد، وقد ساعدت مشهدية التباعد الجسدي بين ممثليها، والحوار عبر الفيديو، على الظهور كشراذم يهيمون بلا خطة، ويختلفون على توصيف الداء والدواء للأمراض المالية والإدارية التي تنهش جسم الدولة.
أدانت نفسها عندما انكشف حكامها، وهم يسخرون الإدارة والقضاء لتحقيق مآرب خاصة، ما أثار غضب المرجعيات الروحية والشعبية والعقال، والبلاد في حال متقدمة من الاحتضار المالي والاقتصادي والسياسي والسيادي، وفي مقدم من رفعوا الصوت اليوم، البطريرك بشارة الراعي والمطران الياس عودة.
تستعد القوى السياسية والحكومة لأسبوع حافل بالاستحقاقات الصحية والتربوية، على خلفية تداعيات كورونا، والمالية الاقتصادية عشية الجولة الثانية من المفاوضات مع صندوق النقد، وسط غليان اجتماعي مطلبي، انضم إليه موظفو المصارف الخائفين من مجزرة تلحق بالآلاف منهم إذا تمت إعادة هيكلة القطاع كما تخطط الحكومة.
وسط هذا الغبار المتصاعد، لفت النفس الذي ظهر فيه الوزير جبران باسيل، في مؤتمر صحافي عقده اليوم، فهو وإن حافظ على تشدده في مواجهة الخصوم، إلا انه أعلن الاستعداد لتحسين العلاقة مع أي طرف خارجي، والتفاهم الوطني أو التلاقي الموضعي مع أي طرف داخلي، إذا أدى الأمران إلى مساعدة لبنان على النهوض، شرط عدم المس بمبادىء “التيار”.
في الأثناء، وبعد تشديد التعبئة العامة منذ الخميس الفائت، أعلن رئيس الحكومة إثر اجتماع خلية الأزمة، عن سيطرة مقبولة على الفيروس، ما سمح للحكومة بإعادة فتح جزئي للبلد وفق خطة محددة، على أن تعزل المناطق التي تكثر فيها الإصابات.
توازيا اقترح وزير التربية على مجلس الوزراء، رفعا للمسؤولية الشخصية، استئناف العامين الدراسي والجامعي من بعد، وترفيع الطلاب في كافة الصفوف وإلغاء امتحانات الثانوية العامة، على أن تفرض ضوابط أكاديمية مكملة وملزمة، بما يحفظ شيئا من المستوى التربوي المتداعي.