من استمع الى رئيس الحكومة اليوم ظن للوهلة الأولى انه يستمع اما الى سائق قطارات محترف او الى ربان سفن ماهر! فالأستاذ الجامعي الرصين أكثر من التشابيه والاستعارات عن السكك والقطارات والسفن والعواصف، محاولا بالكلام المنمق الجميل التغطية على عجز حكومته. لكن الحظ لم يسعفه ولا تطورات النهار.
اذ بينما كان حسان دياب يؤكد انه يريد الدولة والدولة فقط، كانت الدولة الموازية، أي الدولة الامنية، تضطهد المتظاهرين وتمارس شتى انواع العنف ضدهم امام وزارة الطاقة والمياه.
ولم تكتف الدولة الامنية بالمتظاهرين، بل عززت صلاحياتها واعتداءتها لتشمل الاعلاميين والمصورين، فنالت ال “ام تي في” والزميلة رنين ادريس الحصة الاكبر. كذلك فان حسان دياب تعمد ان يتناسى في سياق حديثه عن الدولة، وجود دويلة اقوى من الدولة تملي على دولته قراراتها وتتحكم بحدودها وجماركها. فكيف يوفق دياب بين انحيازه للدولة، وبين تحركه وفق املاءات دويلة حزب الله؟
في الشق الحياتي وضع دياب لم يكن أفضل . تحدث عن إنجازات ستتحقق، وعن مفاوضات بدأت أو ستبدأ ، وعن محادثات بوشر بها ويؤمل منها الكثير . دياب هرب الى احلام المستقبل ، ليتجاوز كوابيس الحاضر . لقد بدا معجبا وفخورا ومنتشيا بالمئة يوم التي انقضت ، وتناسى ان هذه الفترة جاءت بالمصائب والكوارث على اللبنانيين .
يكفي ان نذكر دياب انه قبل مئة يوم كان سعر صرف الدولار 2230 ليرة اما اليوم فاصبح 4250 ليرة. وقبل مئة يوم كانت للرواتب قيمتها اما اليوم فاصبحت الرواتب ارقاما رمزية الا عند وزير الاقتصاد الذي اكد ان غلاء المعيشة لم يتجاوز ال 55 في المئة .
وقبل مئة يوم كان الناس يتنعمون بالكهرباء ولو 12 ساعة من اصل 24 ، اما اليوم فالكهرباء مقطوعة واصحاب المولدات يهددون بالعتمة الشاملة . باختصار قبل مئة يوم كان هناك بصيص أمل ، وكان هناك انتظار للربان حسان كي يخلص السفينة . اما اليوم فمعظم الناس فقدت الامل، وهي تنتظر من يخلصها من أوهام الربان!