أن تعرف أسرارهم من صغارهم فالأمر بسيط ومتوقع ويتماشى مع المثل، لكن أن تعرف اسرارهم من كبارهم، فيدعو إلى العجب وهو غير قابل للنقض أو التلطيف، وتصحيحه واجب إن لم يحظ بإجماع المرجعيتين المعنيتين.
ما قاله المفتي أحمد قبلان بالأمس يقع ضمن هذه القاعدة. إذ لو كان موقفه شخصيا لكان حصل لنائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ما حصل مع سلفه المفتي عبد الأمير قبلان في القمة الروحية في بكركي العام 2011، عندما أجبره الثنائي الشيعي يومها على التنكر لما وافق عليه في البندين السادس والسابع من بيان القمة، وألزمه بإصدار بيان مناقض لتصحيح ما لم يناسب الثنائي يومها، فامتثل.
وللغرابة أن البندين يومها كانا يؤكدان على سيادة لبنان وعلى حق الدولة في تحرير أرضها التي تحتلها إسرائيل، فجاء اعتراض الثنائي من أجل كسر الحصرية وجعلها تتوسع لتشمل إلى الجيش، الشعب والمقاومة.
وما يثير الاستغراب أن الرئيس نبيه بري، الذي كان صارما وعنيفا مع الأصوات النشاز التي تنادي بالفيدرالية واللامركزية كما وصفها، كيف أنه يكتفي فقط بما نقل عنه بأنه ممتعض مما قاله المفتي قبلان، علما بأن الموقع يشكل منذ وفاة الإمام محمد مهدي شمس الدين الذراع الدينية للثنائي، الذي يتقاسم قطباه حصرية السلاح والسياسة.
في الانتظار، لبنان يسعى الأربعاء عبر لجنة المال إلى توحيد أرقامه المالية، من أجل إقناع صندوق النقد بأنه يتعاطى مع دولة واحدة وليس مع مجموعة دويلات، وسط معلومات تؤشر إلى أن الصندوق بات في وارد عدم إقراض لبنان ولو الحد الأدنى مما يطالب به من أموال.
وسط هذا الأجواء، يعقد المجلس النيابي الخميس جلسة تشريعية ببنود ساخنة وخلافية لإقرار قوانين العفو العام، والسرية المصرفية، واسترجاع الأموال المهربة وال”كابيتال كونترول”، وهي لا تحظى بإجماع الكتل، والفشل في إقرارها أو إقرارها من غير تصحيح، سينسف ما بقي واضحا من الصورة الممزقة للدولة.
في سياق متصل بهذه الصورة، قال وزير الدفاع السابق الياس بو صعب للـ MTV إن كل ما يحكى عن ضبط المعابر الحدودية لا يعدو كونه “بروباغندا”، و هي لا تزال مشرعة على التهريب حتى الساعة، غامزا من قناة الجيش الذي امتنع عن إقفالها في عهده ولا يزال.
صحيا، مواجهة الكورونا تجري على جبهتين وسط سؤال محرق: أيهما أخطر، الفيروس القاتل أم الناس الذين يعانقونه وينقلونه إلى كل بيت وقرية وعائلة، رغم التفسيرات التخفيفية التي تقول إن عدد الاصابات يرتفع لكنه محصور في بقع معزولة؟.