تخفيف التعبئة وفتح الاسواق التجارية والمؤسسات، كما كان متوقعا أحدثا صدمة سلبية إذ كشفا الواقع الاقتصادي المهترىء، فعدا زحمة السير التي توحي ازدهارا كاذبا ، فإن الحركة التجارية ظلت في حدودها الدنيا، بحيث عكست صورة واضحة عن واقع اللبنانيين الذين أصيبوا إصابات مباشرة بمفاعيل الأزمة المالية الاقتصادية وبتداعيات الكورونا. لكن الأدهى أن الجميع في لبنان والخارج باتوا على معرفة تامة بأسباب الأزمة وكيفية الخروج منها إلا الحكومة اللبنانية التي وقعت وأوقعت البلاد في فخ سداسي الأسنان، عناصره : الإنكار، صندوق النقد، القيصر، الانقسام الحكومي، المعارضة، والامتناع عن العمل المؤسساتي والدستوري. هذا التخبط الذي يغلب المهاترة على المبادرة، أدخلنا في خصومة مع كل الداخل و كل الخارج ودفع اللبنانيين الجياع بدءا من الأمس للعودة الى الشارع ، وقد ضربوا موعدا احتجاجيا مليونيا في السادس من حزيران في ساحة الشهداء وكل الساحات والمساحات والمشكلة الأصعب أن الخروج من الأزمة المالية الاقتصادية الاجتماعية، يفترض بديهيا سلسلة قرارات مترابطة، يكفي أن تنقص حلقة منها لكي يتوقف كل شيء . وهي تبدأ بإثبات وحدانية سيادة الدولة على الحدود والمعابر ولا تنتهي بالتعيينات القضائية وباستقلالية هذا المرفـق . وهنا يلاحظ القاصي والداني أن قرارات ضبط الحدود ، على تواضعها ومحدوديتها، تلاقي رفضا من حزب الله الذي اعتبر أن القرار هو إنفاذ لقانون القيصر الأميركي وخنق للمقاومة . وإذا التفتنا الى التعيينات القضائية فإننا نجد أن وزيرة العدل وقعتها مرغمة وناقدة وبتحفظ بعد أشهر من حجزها في أدراج الوزارة , ما استدعى ردا قاسيا من مجلس القضاء الاعلى ، وهي سترفعها الى رئيس الجمهورية حيث يتوقـع الا يوقـعها للأسباب الشخصية المعروفة. ولا ننسى طبعا الخلاف المكشوف بين أعضاء الفريق الذي يفاوض صندوق النقد حول ارقام الخسائر وغياب خطة النهوض . هذه الصورة رفعت منسوب التشاؤم لدى الخبراء المحليين والدوليين من المستقبل الآتي ، و عـلـت منسوب الضغط السياسي المطالب برحيل الحكومة، وألهبت غضب الناس ولم تترك أمامهم سوى الشارع سبيلا الى التغيير، علما بأنهم لم يجدوا السبيل بعد الى مشروع تغييري موحد.