طالما أن الحكومة والسلطة تنظران إلى تحركات المعارضة، وتحديدا السبت الكبير ، من باب الأمن لا من باب التحركات المحقة التي دافعها الجوع والعوز وخسارة مواطنيها مصادر أرزاقهم. وطالما تعتبران أن اللبنانيين تحركهم سفارات وقوى خفية وأجهزة مخابرات إقليمية ودولية ، وطالما تنظر السلطة بعين “ترامبية” إلى وجع ناسها، فلا أمل يرتجى بتغيير السلوك الرسمي .
ولا نستغربن من هذا الأداء أن يخرج علينا رؤساء الملل المتحكمين بقيادة البلاد، وفي أيديهم نسخ من القرآن والإنجيل وهم يصرخون “يا غيرة الدين” ، كما فعل النائب “جميل السيد” الذي دعا إلى دعس صنف من الثوار وإطلاق النار عليهم.
وما هالنا في هذا السياق هو أن الحكومة التي يفترض أن تكون مشغولة بتأمين المال والمساعدات والقروض لشعبها الجائع ، كيف وجدت الوقت لتنظيم الإعلام في معرض التحضير لقمعه وتدجينه ، هي التي فشلت منذ ثلاث سنوات ونيف في تعيين رئيس ومجلس لإدارة تلفزيونها الرسمي .
والمؤسف في هذا التصرف أنها ضاقت بالإعلام ، لا لشيء إلا لأنه محرض على التغيير والتصحيح ، بدلا من أن تعتبره واجهة لبنان المضيئة ، وصناعة جلابة للمال يتعين دعمها لا خنقها ولو بمنديل حرير signee
هذه التصرفات التي تظن السلطة بأنها تنطلي على مواطنيها وعلى العالم المهتم بلبنان ، هي مكشوفة وممجوجة ، و هذا ما لا ينفك صندوق النقد يكرره لمحاوريه اللبنانيين فيما هم يواصلون رياضتهم المفضلة ، التلاعب بالأرقام وتزوير الوقائع، وهذا ما سيؤدي قريبا الى حرمان لبنان أي قرض أو مساعدة .
ابعد من ذلك ، لقد قامت قيامة الحكومة وعرابها على قانون قيصر وقرأت فيه تطويقا لسوريا وحزب الله علما بأن ضبط الحدود هو مصلحة لبنانية لأنه يوقف تهريب المواد الأساسية المدعومة بأموال اللبنانيين وليس خدمة لواشنطن .
أما الطامة الكبرى الناجمة عن ضبابية الرؤية لدى السلطة ، فقد ظهرت فاقعة في لقاء سفراء الدول الخمس الكبرى ، الذين سمعوا موقف لبنان المحق في شكواه من خروقات اسرائيل لسيادتنا وفي مطالبته التجديد لليونيفيل، آب المقبل من دون تعديل مهامها، لكن الدولة المخطوفة في المقابل، لم تسمع تكرار السفراء أن لبنان لا يطبق القرار 1701 وقد تحول جنوب الليطاني الى برميل بارود ومخزن هائل للأسلحة التي لا تمون الدولة على رصاصة واحدة فيها. في المحصلة نقول للحكومة إن بناء الدولة العادلة والانصات الى المواطنين والأصدقاء هما أقصر الطرق الى الانقاذ ، والنصيحة المجانية لها ، أن تسمع ما لم يسمعه صدام والقذافي ومبارك وبن علي وغيرهم.. والنصيحة كانت بجمل، فهل من يصغي؟