إتهموهم بما شئتم ، تجنوا عليهم ، خونوهم, أبلسوهم, فبركوا لهم كل أصناف السيناريوهات والمؤامرات، إهجوا الثورة والثوار، فهذا دأب السلطة وسلاح المتسلط في مواجهة العزل الجياع . لكن حذار حذار أن تلجأوا الى حرس الثورة لضرب الناس .
وللثوار نقول إن جمالكم نابع من تنوعكم، فمنذ متى كانت المطالبة بالرغيف والدواء والتعليم والاستشفاء، تتعارض مع المطالبة بالسيادة، وإذا حصل ان تعارض الشعاران في اي مكان في العالم ، فإنهما يصحان جدا في لبنان، ومن دون أي تردد او التباس.
فالكل، ما عدا المتسلطين على العباد والبلاد، يؤكدون بما لا يقبل الشك والجدل ، بأن الاعتداء السافر والمتمادي على الدولة ، وتراخي الدولة أمام المتسلط هما سبب اختفاء الطحين من المعاجن، والمال من المصارف، والمازوت من الخزانات, وإقفال ابواب الرزق في وجوه مئات آلاف اللبنانيين في المغتربات .
نعم إن فضاء لبنان الواسع يتحمل كل الحناجر والأصوات طالما أن الغاية من إطلاقها هي التعبير عن حاجة وصرخة لرد الضيم ورفع الغبن عن الشعب وعن الوطن. نطلق هذه التحذيرات بمحبة الى المنتفضين كي لا يخشوا بعضهم بعضا، شرط أن يبعدوا المشاغبين من صفوفهم .
كما نحذر السلطة من مغبة اللجوء الى القمع، بعدما شغلت كل آلاتها الاعلامية لضرب العزائم ولرمي الشقاق و زرع الخوف في قلوب الناس كما ننصحها بضبط منتحلي الصفة الأمنية من حلفائها وقد تمادوا في اتهام المنتفضين بالخيانة والعمالة وصولا الى التهديدات بالقتل والاعتداء ، خصوصا ميلشيات غب الطلب الذين يعيثون على وسائل التواصل الحزبي-الحربي المعروفة.
لماذا كل هذا المجهود التهديدي الحربجي لمواجهة الناس من قبل حماة الحكومة ، علما بأن هؤلاء لا يخفون امتعاضهم من سوء ادائها ؟ ، ولماذا تستسهل الحكومة اللجوء الى التهديد بدلا من التفاعل إيجابا مع مطالب مواطنيها؟، سؤالان يطرحهما كل عامل على خط انقاذ لبنان مما هو فيه ، وقد قالها رئيس الجمهورية اليوم جهارا : نحنا شعب عم نحكي بالمجاعة هلأ .
والجواب، أن الحكومة دخلت مرحلة إنكار مرضية ، لأن رئيسها اكتشف أن التنظير الأكاديمي شيء وحكم البلاد شيء آخر ، والأمر نفسه ينسحب على كل من يتولى رعاية مصير البلاد، من رأس الهرم الى قاعدته .
قد يقول قائل إن هذا الكلام بلدي يساق لغايات سياسية فئوية ، لكنه وللأسف يتطابق حرفيا مع كلام الموفدين والخبراء المحليين والدوليين ومع تقارير صندوق النقد و باريس واحد وإثنان و سيدر (cedre) ، مرورا بالصناديق العربية والخليجية وخطة ماكنزي.
كل هذا والدولة تتعثر بأرقامها ، وبعد عشر جلسات مع صندوق النقد لم تتمكن من الرسو على رقم موحد للخسائر ، فيما تواصل الحكومة تعثرها في معالجة الكوارث الاقتصادية و الاجتماعية التي تفتك بشعبها .
والأنكى أن أهل السلطة يواصلون عربداتهم وخلافاتهم ويتسابقون على الإتيان بالأزلام والمحاسيب الى المواقع الادراية الحساسة ويعرقلون عمل القضاء . ويسألونك بعد كل هذه الكوارث الاخلاقية والارتكابات، لماذا عاد الشعب الى الشارع.