عندما تتخذ الحكومات والدول قرارات مصيرية تتناول تعيينات موظفين كبارا أو قضاة، او خططا للنهوض، تتطلع في اليوم التالي الى الأسواق فتترقب كيف تتفاعل معها، فإذا كانت القرارات صائبة وجاءت بالشخص المناسب في المكان المناسب، فإن الأسهم ترتفع، وتنتعش التعاملات المالية وأسواق الأسهم، وترتفع قيمة العملات الوطنية في مقابل العملات الأجنبية وتتحرك الاستثمارات ويرتاح الشعب.
حكومتنا، بل الطبقة السياسية المتحكمة بها، لم تشذ عن القاعدة، بل عكستها فقط، فجاءت بالأسوأ من الموظفين واعتدت على الآليات التي ترعى إدخالهم الى ملاكات الدولة، وها هي النتيجة اليوم.
الدولار تجاوز الستة آلاف ليرة، ما يعني مزيدا من المؤسسات المقفلة ومزيدا من العاطلين من العمل، ومزيدا من الأنين والتقنين والتوترات الاجتماعية، واستدعاء للناس الى الشوارع. هذا ما سجل أمس واليوم على الأرض، حيث شهدت المناطق اللبنانية، ومن دون تخطيط ولا تنظيم نزولا عفويا للناس الى الساحات خوفا على المصير واحتجاجا على استباحة الحق بابسط قواعد الحياة الكريمة.
وفي السياق نلفت المسؤولين اللبنانيين الى ان بشار الأسد غير رئيس حكومته تخفيفا لاحتقان شعبه الجائع
كل هذه العربدة حصلت على مرأى ومسمع الدول المعنية بالنهوض المالي- الاقتصادي في لبنان ، وصندوق النقد. فأي رأي تكون لدى هذه المرجعيات، وأي قرارات ستتخذ ؟ وهل ستمنح لبنان المال والقروض التي يحتاج، لتتولى إدارته هذه الحكومة وهذا الصنف من الموظفين الميامين؟ طبعا لا، بل هي ستحرم لبنان المساعدات المالية والقروض ، لأنها تعرف مسبقا أنها ستذهب أدراج الرياح وسوء الإدارة. هذا في الشق المالي – الاداري، أما في الشق السياسي الدبلوماسي ، فالحكومة المستسلمة لاهواء خاطفيها وللطبقة المتحكمة بها، اتخذت القرارات التي تضعها في ممر الفيلة الأميركي، وحشرت نفسها كرمى الممانعين تحت مقصلة قانون قيصر، بحيث تتلقى مناصفة خمسين بالمئة من الضربات التي سيتلقاها الإقتصاد السوري جراء العقوبات ، علما أن لبنان المديون المكسور لا يشكل ديموغرافيا ولا جغرافيا ربع حجم سوريا.
والسؤال الذي يطرح نفسه على شاكلة اتهام مباشر بقتل لبنان : من قال إن قدرنا ان نكون شركاء التفليسة لهذا النظام أو ذاك ، فيما نرمى بين الأرجل ويقترع على ثوبنا عندما يحين وقت تقاسم المغانم .. اتقوا الله والتاريخ، الشعب يجوع ولبنان مهدد بالزوال .. والمريض الذي لم تنفعه المراهم لن يشفيه التدليك.