هل ما شهدناه ليل امس هو 17 تشرين جديد، أو نسخة منقحة عنه، ام انه نقيضه؟ وهل الثورة استعادت زخمها حقا، ام ان ما حصل مجرد فورة عفوية، وربما التقاء مصالح بين عدد من الأطراف التي لا تلتقي مصالحها أساسا؟ الواضح ان تحركات الثورة والثوار ليل امس قدمت مشهدا جميلا وجديدا، لكنه في الوقت عينه مشهد مصطنع بعض الشيء وغير عفوي، كما انه متشابك ومعقد.
اذ للمرة الاولى منذ اندلاع الثورة ينزل الشارعان الموالي والمعارض، لكن ليس ضد بعضهما بعضا هذه المرة، وانما ضد هدف مشترك واحد وواضح : ارتفاع سعر الدولار، اي ضد سياسة التفقير والتجويع.
انه مشهد وحدوي في الظاهر، أزال قدرا لا بأس به من التشنج السني – الشيعي ومن التشنج الشيعي المسيحي اللذين بلغا مستوى خطيرا السبت الفائت. الا ان التمعن في خطاب الطرفين يثبت انه ورغم ان الوجع واحد، لكن الهدف يختلف. فبالنسبة الى اطراف السلطة، المشكلة تكمن في حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
اما بالنسبة الى اطراف الثورة فان العلة هي في حكام بعبدا وعين التينة والسراي، وفي كل الطبقة السياسية التي يحملونها المسؤولية عن اداء مالي واقتصادي اوصل البلد الى قعر الهاوية، واوصل 70 في المئة من اللبنانيين الى ما دون خط الفقر، اي أن يعيشوا من قلة الموت، لا أكثر ولا أقل.
خطاب الشارعين الموحد في المنطلق والمختلف في الهدف استلزم عقد جلستين لمجلس الوزراء اليوم. الأولى في السراي بحضور حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف والمدير العام للامن العام، والثانية في بعبدا.
وقد سبق جلسة بعبدا لقاء ثلاثي ضم عون وبري ودياب، ما ذكر بزمن الترويكا ايام الرئيس الياس الهراوي! وفي النتيجة تمخضت الجلستان ولم تأتيا بجديد حقيقي. فالقرارات الصادرة عن الجلستين تضمنت تشكيل خلية ازمة والاتفاق على ضخ الدولار بالاسواق بدءا من الاثنين، والقرار الاخير كنا سمعنا عنه كثيرا في الايام العشرة الاخيرة، تماما كما سمعنا كثيرا عن خطة يومية متدرجة للوصول بالدولار الى 3200 ليرة، فاذا النتيجة عكسية للاسف.
فماذا تغير بين الامس واليوم؟ ولم ما كان صعب التحقيق اصبح ممكنا؟ وكيف يمكن التأكيد ان الدولارات التي ستضخ في الاسواق اللبنانية لن تصل الى سوريا لتساعدها في معركتها ضد قانون قيصر؟ والأهم: هل التعادل السلبي المتمثل بالابقاء على رياض سلامة والابقاء على حكومة حسان دياب سيستمر لفترة طويلة، ام سنشهد معركة جديدة بعد فترة وبعد فلتة شوط جديدة للدولار؟