بعد إطلالة رئيس الحكومة الحاسمة والجازمة، التي أكد فيها أن حكومته أفشلت انقلابا على الأمن والدولة والليرة، يفترض منطقيا، وبدءا من الغد، أن تفتح أبواب السجون والمحاكم لاستيعاب كوكتيل متنوع من المجرمين. كما يفترض، وتلبية للطلب الذي سيتزايد على المحاكم والسجون، برئيس الجمهورية مواكبة الانتصار بتوقيع مرسوم التعيينات القضائية، بل إخراجه من سجن بعبدا، ليلبي الجسم القضائي، وبعديد مكتمل، نداء العدالة.
إنتصار دياب، يفترض أيضا أن يلقى ترجمته الطبيعية بانخفاض أكيد في سعر الدولار، وباستعادة الليرة بعضا من قيمتها الشرائية، وأن تمتلىء المعاجن طحينا وخبزا، وتستعيد الحياة حياتها، والإنتاج دورته شبه الطبيعية.
لكن إن لم يحصل شيء من هذا، وهذا هو المتوقع، فإن على الحكومة الرحيل. بمعنى أوضح يجب أن تكون لرئيس الحكومة الجرأة للإستقالة، إفساحا في المجال أمام الحكومة التي يريدها اللبنانيون المنتفضون على المجاعة والقهر منذ السابع عشر من تشرين. وإن لم يستقل دياب، وهو لن يفعل، لأنه أثبت أنه من طينة الطبقة التي ينكر انتماءه إليها، أي طبقة السياسيين المنتفعين، فعليه على الأقل ألا يطل على اللبنانيين بفصل جديد من حربه الكلامية على السحرة وطواحين الهواء.
ولا يقتصر كلامنا على دياب، بل هو يشمل أيضا الرئيسين عون وبري، اللذين وعدا اللبنانيين بدولار الـ 3200، وبضبط المضاربين والسارقين، وتأمين السلة الغذائية للشعب.
وبما أن الإثنين لناظره قريب، فإن البلاد أمضت نهاية أسبوع صعبة، سعى فيها اللبنانيون إلى استيعاب ما حصل من اعتداءات ميليشوية تخريبية في بيروت وطرابلس، وفهم دوافعها ومعرفة هوية محركيها. والمحرق في الأمر أن أي مسؤول لم يكلف نفسه عناء الإجابة، ولا اتخاذ قرار جريء واحد في مستوى الحرب التي تشن على الدولة والشعب، اللهم إلا إذا كانت السلطة تعتبر أن ظهور اللجان الأمنية الميلشيوية في الشوارع وعلى خطوط التماس السابقة- المجددة، هو الإنجاز الرسمي الذي ينشده المواطن الخائف. والرهان الآن على نواب بيروت الذين يجتمعون الإثنين، سعيا إلى الحصول على الجواب الشافي .
في أي حال، ال”خوشبوشية” والاستهتار بالمواطن ومصالحه الحيوية، لا ينسحبان على صندوق النقد ولا على واضعي “قانون قيصر”، والأسبوع الطالع قد يحصد اللبنانيون من أموالهم وأمنهم وغذائهم وأرزاقهم، ويلات ما جنته حكومتهم عليهم من خفة في التعاطي مع هذين الملفين، إذا قرر مفاوضو صندوق النقد والأميركيون رفع منسوب الشروط والضغوط على لبنان، ولا من يبعد عنا هذه الكأس.