أما وقد دخل قانون قيصر حيز التنفيذ ، وأمام إصرار حزب الله على محاربته بكل مقدراتنا وبما بقي من مقدرات الدولة ، فالدولة صارت أمام تحد مصيري ، في يدها رفعه وتأكيد أحقيتها بالوجود والإستمرار في مئويتها الأولى ، أو التخاذل والإندثار والموت . أما رفع التحدي فيكون بإتخاذ القرار الذي هو لها : الأمر لي ، ولا يمكن لأي قوة داخلية أو إقليمية مهما عظم شأنها أن تواجهها وتمنعها . وهنا نذكر الحكومة، والدولة العميقة المخطوفة الواقفة وراءها ، بذلك القرار الجريء والحاسم الذي اتخذته الدولة بعد حرب عام 2006 ، عندما أرسلت أكثر من عشرة آلاف جندي وضابط إلى الجنوب ، بعد خمسة وثلاثين عاما من التغييب القسري للجيش ، ولكل معالم الدولة الشرعية عن تلك المنطقة وأهلها. وها هو الجيش اليوم كتفا إلى كتف مع قوة اليونيفيل ينفذ مندرجات القرار 1701 ويحمي الجنوب ، وتستظله المقاومة وتلتف عليه ، وهي تعرف أن وجوده يحميها ويحمي الأهالي من حروب دامية ، والجيش والدولة تتحملان بصبر وزر المخالفة أمام الأمم المتحدة. وللتذكير لم ينزل القرار يومها برْدا وسلاما على قلب قوة الأمر الواقع ، لكنها ارغمت على احترامه لأنها غير قادرة على الإشتباك مع الشرعية وجيشها.
والسؤال الذي يطرح الآن بقوة : هل ستتلقف الدولة الفرصة السانحة في 17 حزيران 2020 فتعزز وجود جيشها على الحدود الشرقية ، بما يؤكد سيادتها وجديتها وحرصها على شعبها من الجوع والعوز والمغامرات العسكرية . والسؤال هو في الحقيقة امر او دعوة للدولة ، باسم كل اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ، بأن تبادر الى منع التهريب والتسريب واستنزاف المال والنقد الأجنبي . فإن فعلت تكون انجزت فرضا سياديا يطلبه اللبنانيون وتطلبه المرجعيات الدولية والعربية وفي مقدمها صندوق النقد. وتكون تاليا أبعدت كأس “قيصر” وأوقفت الزحف القاتل شرقا ، فتتفرغ عندها لورشة النهوض الداخلي بوجوهها المختلفة. في الآني، وفي إطار السعي الى ضبط سعر الدولار، لا بأس بالعودة الى التاريخ ايضا، لنورد هذه القصة . في اواسط الثمانينات اصدر وزير الإقتصاد الراحل فيكتور قصير، إثر ارتفاع الدولار وانهيار الليرة ، قرارا حدد بموجبه سعر المنقوشة بليرة واحدة بعدما رفعتها الأفران الى ليرة ونصف الليرة، إلا ان المواطنين كانوا يفاجأون باصحاب الأفران الذين لم يلتزموا ، وهم يجيبونهم تهكما : منقوشة الوزير جيبوها من الوزارة . اليوم، نحن نواجه الأمر نفسه : دولار الوزير ودولار الصرافين ودولار السوق السوداء، والعبرة ؟ الاقتصاد القوي هو من يحدد سعر الصرف وليس رجل الأمن، فهل ما تقوم به الحكومة الآن من تدابير، يصب في هذا الاتجاه؟