إعلان السيد حسن نصرالله خريطة طريقه للانقاذ ، بل أمر العمليات ، يتضمن خطوتين : الأولى، حشر لبنان بين سيف قيصر ورقبة النظام السوري . والثانية ، الاغتراب بلبنان شرقا وقسرا نحو الصين وإيران بديلا من الغرب عموما ، والولايات المتحدة خصوصا . أمر العمليات هذا لقي صدى إيجابيا إجماعيا في مجلس الوزراء الذي عجل في تشكيل لجنة لإعداد لائحة بالمشاريع التي يمكن تنفيذها من قبل بكين وطهران . فائدة وحيدة يتيمة ونظرية من هذا التوجه ، وهو أن السلطة تعتقد أن الصين ستهرول لتمويل هذه المشاريع من دون أن تطالب الحكومة بخطة جدية للنهوض الاقتصادي والمالي ومحاربة الفساد ، وبأنها قد تقبل بتسديد اكلافها بالليرة ، والحقيقة أن الصين إن طنشت عن الفساد ، فهي لن تقبل السداد إلا بالدولار وهو غير متوفـر ، إضافة الى أنها لا تزال تحاذر كثيرا إغضاب واشنطن وهي إحدى ضحايا قيصر وقد عبرت عن ذلك في ظرف مماثل لم يمر عليه الزمن.
أما مضار التوجه شرقا ، ماليا واقتصاديا فكثيرة جدا : اولها ، ان صندوق النقد سيوقف مفاوضاته مع لبنان ، وثانيها ، خروج الوطن الفقير من المنظومة المالية الدولية والأسرة العربية . وثالثها تشويه وجه لبنان كرائد للاقتصاد الليبرالي الحر في المنطقة ، من دون أن ننسى طبعا أن الصين هي الشريك التجاري الأول للبنان ، لكنها ليست الشريك الأوحد ، والفرق بين المسألتين ببساطة .. مدمر.
أما مضار التوجه شرقا على الوضع السياسي في الآني ، هي انها ستفرغ الحوار الوطني في بعبدا من مضامينه وتدفنه قبل أن يبصر النور ، إذ ستدفع القوى المترددة الى عدم المشاركة فيه ، لأن دورها سيقتصر عندها على البصم عليه ومنحه الشرعية التي يفتقدها ومن ورائه حزب الله . ولا ننسى هنا أن رئيس المردة ، أبن الثامن من آذار ، كان أعلن جهارا من منبر الـ MTV أنه سيتصدى لأي توجه يفقد لبنان ليبراليته الاقتصادية ، فكيف عندها بالرئيس الحريري ورؤساء الوزراء السابقين والقوات والكتائب ؟. ومن الآن الى الخامس والعشرين من حزيران ، لبنان ضحية القمع والعقم والتعقيم :
أما القمع فبات يمارس بلا أقنعة و لا قفازات في حق الناشطين السياسيين لمجرد انهم يعبرون عن رفضهم الجوع والفساد . فيما العقم يشكل السمة الغالبة لأنشطة الحكومة التي سقطت في الفساد بدلا من محاربته ، كما سقطت خطتها للنهوض ، تماما كما سقطت ارقامها التقديرية لخسائر الدولة أمام صندوق النقد وفي غربال لجنة المال , علما بأن جهد اللجنة لقي تقدير الصندوق ولم يعرقل الحكومة ، وهذا بيان الصندوق اليوم . أما التعقيم فهو الوحيد الذي يسجل نجاحا مقبولا في مواجهة فيروس كورونا التي عادت أرقامه الى التراجع نسبيا لكنه لا يعدل ميزان الخسائر الكبرى التي احدثها ويحدثها في الاقتصاد .