عيد الجيش محطة وطنية كاملة الاوصاف فهي للبنانيين بمثابة نقطة ثقة وامان بالحاضر وامل ورجاء بالمستقبل لكن في ظل المرض السياسي المؤسساتي الذي يضرب الدولة فان مشهدية المناسبة ليست على الملعب الاخضر طبعا بل في منصة الرسميين باتت تشكل مصدر قلق مشوبا بالخجل بالنسبة الى المواطنين اذ يحزنهم ان الخلافات العميقة بين اهل السلطة تجعل من المنصة المذكورة صورة غير جميلة عن لبنان بمؤسساته المشتبكة وبقياداته المتقاطية على الدوام سنة بل اكثر يحل العيد بلا رئيس للجمهورية وسنة ان حضر الرئيس غاب رئيس المجلس وسنة ان حضر الاثنان تغيب رئيس الحكومة وان حضر الثلاثة كما هي الحال الان نكون في ظل حكومة تصريف اعمال وفي خضم مخاض حكومي مؤلم وطويل.
ويسأل اللبنانيون في صيغة تجاهل العارف هل المشكلة دون انتظام المؤسسات هي في الدستور ام هي مشكلة بنيوية ميثاقية تؤشر على اننا تعبنا من العيش الواحد ونحن على مشارف الاحتفال بمئوية لبنان الكبير ونقترب من اطفاء شمعة الثلاين لميثاق الطائف. ام هي مشكلة تشوهات جعلت بعض العاملين في الحقل العام اكبر من القوانين والدستور فسخروهما لبناء امبراطورياتهم.
الحق يقال ان السؤال الاخير يحمل في طياته الجواب الاصح بالعودة الى الوقائع اليومية المصافحة الفاترة بين الرئيسين عون والحريري معطوفة على محاولة غير موفقة بين الوزير باسيل لاستدراج الرئيس بري الى محور سياسي يواجهه الثلاثي الحريري جنبلاط جعجع. هاتان الحركتان تؤشران الى ان مخاض التأليف صعب وسيتأرجح طويلا بين مستحيلين حكومة اكثرية وحكومة وحدة وطنية.