انه لقاء وطني ناقص ، بل انه نصف لقاء وطني لا أكثر ولا أقل. من شاهد الصور من بعبدا اكتشف هزالة اللقاء نتيجة غياب نصف المكونات السياسية. ومن استمع الى الكلمات الرسمية الملقاة تأكد له ان المسؤولين يعيشون في كوكب آخر. ومن تابع الوقائع والنتائج والمقررات ادرك ان اللقاء كان مضيعة للوقت وهدرا الجهد. الواقع والحقيقة كانا في مكان آخر. فبعيدا من الانشائيات المملة والخطب الطنانة الرنانة، فان الحقيقة الفاضحة تقول ان الدولار تخطى اليوم عتبة السبعة الاف ليرة. والحقيقة الفاضحة تقول ايضا ان معظم التعاونيات الغذائية ومحال السوبرماركت في صيدا وبعلبك ومناطق اخرى اقفلت ابوابها لأن اصحابها ما عادوا يعرفون على اي سعر يبيعون. والحقيقة الفاضحة تقول ايضا وايضا انه وبالتزامن مع انعقاد اللقاء كان الناس يتظاهرون في بعبدا بيروت وجونيه وعدد من المناطق رفضا لتردي الواقع المعيشي واستنكارا لخنق الحريات. فهل تدرك السلطة الغائبة عن الوعي والمستقيلة من مسؤولياتها ما يحصل على الارض فعلا ؟ فاذا كانت لا تدري فتلك مصيبة. اما اذا كانت تدري ولم تأت الا بهذا اللقاء الباهت شكلا ومضمونا، فالمصيبة اعظم.
مع ذلك تسجل للقاء ايجابية وحيدة: انه ذكر بالحوار كما انعقد في الماضي ، ما أوحى كيف يجب ان يكون حاضرا ومستقبلا. وهذا الامر يعود الفضل فيه الى الرئيس ميشال سليمان . فالرئيس السابق للجمهورية ، والذي على عهده صدر اعلان بعبدا ، انتقد اداء حزب الله ، وكيف نقض اعلان بعبدا الذي وافق عليه عام 2012 ما ادى الى فقدان الثقة بلبنان سياسيا ، والى انهياره اقتصاديا . طبعا هذا الكلام لم يرض حزب الله ممثلا بالنائب محمد رعد فكان سجال شارك فيه نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي . علما ان اي حوار حقيقي يجب ان ينطلق مما طرحه الرئيس سليمان، اي من البحث في الاستراتيجية الدفاعية و في اعلان بعبدا . فالمشكلة في لبنان ليست اقتصادية او مالية في الاساس ، بل هي مشكلة سياسية لها نتائج وتداعيات مالية واقتصادية واجتماعية . فهل يعترف الداعون الى الحوار بهذه الحقيقة ؟ وهل سيضعون الاصبع على الجرح عندما يدعون الى الحوار في المرة المقبلة ، ام سيواصلون سياسة الهرب الى الامام ودفن الرأس في الرمال؟