Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”mtv” المسائية ليوم الأحد في 12/07/2020

إنحياز لبنان إلى الحياد هو الثقل المعاكس والمصحح للبنان الذي يراد له الإنحياز شرقا. صحيح أن هذا التوجه يقوده بطريرك الموارنة مار بشارة بطرس الراعي، لكنه يلقى أوسع شبكة من التأييد لدى كل الطوائف، الأمر الذي لم يكن متوفرا بالإجماع نفسه لدى قيام لبنان الكبير، المشروع الفريد الذي قاده البطريرك الياس الحويك منذ مئة عام مع حفنة متنورة من قادة الطوائف الإسلامية. علما بأن الهدف من المشروعين، في السابق والآن، هو أن يكون للبنانيين، لا للمسيحيين، ملاذ آمن وحيز حر يمارسون فيه فرادتهم ومعتقداتهم بأمن وأمان.

ولمن يتحدثون عن الحياد وكأنه فيروس دخيل قاتل، نذكرهم بأن الجوهر الأول للاستقلال عام 1943، قام على الحياد كحجر زاوية: لا شرق ولا غرب، لبنان لا مقر ولا ممر، لبنان دولة مساندة لا دولة مواجهة، وإذا لم يكن هذا يعني الحياد، فبربكم ماذا يمكن أن نسميه؟. أكثر من ذلك، إن نفس الروحية انسحبت على اتفاق الطائف الذي صار دستورا، واعتنقته كوكبة الأحرار والشهداء، من كل الطوائف، حتى انتزعوا الاستقلال الثاني برعاية البطريرك صفير ودعم الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وللتذكير أيضا لمن ينكرون، نقولها بصراحة، إن كل ويلات لبنان وحروبه حصلت يوم خرجنا على روحية الحياد التي هي دستورنا، وعلى وصايا الآباء المؤسسين.

لماذا أوردنا ما تقدم، قبل الحديث عن فيروس كورونا الذي وصل اليوم إلى ذروته مسجلا 166 إصابة، وقد عاد ليضرب بقوة صحتنا واقتصادنا؟.

قدمنا الحياد، لأن العلاج الأول لأزماتنا المالية والصحية يكمن في تحييد لبنان عن صراعات المنطقة التي جلبت علينا العقوبات وحرد الجيران. والحق أنه لو حيدنا لبنان صحيا، لكنا جنبنا شعبه كارثة كورونا أو خففنا وطأتها في شكل كبير، ولما كنا نستعد الآن لتجديد التعبئة وبشروط أقسى، ووضعنا نظامنا الاستشفائي والصحي في خطر الانهيار.

في الآني، لبنان الذي يدفع غاليا ثمن عناد حكومته وراعيها، يتخبط في قتال تراجعي غير منسق، هو انعكاس لطبيعة المعارك المماثلة التي تخوضها إيران و”حزب الله” في المنطقة. فبالرغم من “الطحشة” العنيفة على الولايات المتحدة وسفيرها وعلى العرب وسفرائهم، فإن الحكومة تلقت ضوءا أخضر من الحزب، فتراجعت عن معارضة شركة التدقيق المالي” كرول”، تماما كما سمح لها الحزب بالتفاوض مع صندوق النقد بعدما منعها عن ذلك طويلا. وها هو اللواء عباس ابراهيم يتوجه إلى الكويت، موفدا رئاسيا، سعيا وراء دعم مالي يرطب خزائن لبنان الجافة.

توازيا، وفيما تواصل الحكومة “اللوطعة” وإضاعة الوقت بالتحاصص، وتحاول من غير جدوى إقناع صندوق النقد بأرقامها وتعييناتها المخجلة، وهي قد لا تحسم تعيين بديل من آلان بيفاني في جلستها الثلثاء، يصل وزير الخارجية الفرنسية إيف لو دريان بيروت أواخر الأسبوع، وهو سيسمع المسؤولين بالمباشر، “البهدلة” التي وجهها اليهم كمقبلات عبر شاشات العالم، من مجلس الشيوخ الفرنسي منتصف الأسبوع، وعنوانها الألطف كان: نحن مستعدون لمساعدتكم لكن ساعدونا لنساعدكم.