فكرة حياد لبنان التي أطلقها البطريرك الراعي ، صارت مادة قوية غير قابلة للتحييد عن النقاش على الصعيدين الوطني والدبلوماسي رغم معارضة حزب الله الذي يرى فيها محاولة لحصاره ودفعه الى الانكفاء عن براكين الاقليم و الكف عن إقحام لبنان فيها . وفي انتظار أن تتظهر قابلية المبادرة للحياة من خلال مدى القدرة على تحلق الداخل حولها ومدى القدرة على دعمها مع دول القرار وفي مقدمها الفاتيكان .
في الانتظار، يغرق لبنان في همومه الاقتصادية والمعيشية والمالية، ولعل رأس الهموم وأكبرها خطرا، عودة الكورونا الى الظهور والانتشار رغم تطمينات وزير الصحة الذي ترأس اليوم اللجنة العلمية لمكافحة الأوبئة، و كان حاسما بأن أعداد المصابين مرتفعة لكنها محصورة جغرافيا و معروفة المصادر وفي قدرة النظام الصحي التعامل معها. وعندما نقول إن الكورونا هي الأخطر فلأن لا لقاح لها وهي تؤدي الى الموت الجماعي المباشر طالما أن اللبنانيين لا يتخذون الاجراءات الوقائية اللازمة لحماية أنفسهم منها، فيما الأزمات الأخرى ليست أقل فتكا لكن الموت الذي تتسبب به أبطأ ويمكن وقفه بمجرد أن تأخذ الحكومة القرارات الانقاذية الاصلاحية وتتوقف عن المكابرة ،
نقول هذا الكلام بالاستناد الى تصريح رئيس اللجنة النيابية ابراهيم كنعان والذي يتقاطع مع ما يقوله الخبراء المحليون والدوليون ووفد صندوق النقد وديوان المحاسبة ، وقد اختصره كنعان بهذه الكلمات : ما في رقم صحيح، وسأل اين الخطأ إذا تبين ان ارقام الحكومة خاطئة ويفترض تصحيحها.
مساوىء استمرار الحكومة في عنادها وتسليم دفة السياسة الخارجية الى حزب الله ، عاينها اللواء عباس ابراهيم بلهجة دبلوماسية مهذبة في الكويت ، إذ رسم له مسؤولوها خريطة طريق قرأ مثلها بمختلف اللغات واللهجات التي ينطق بها اصدقاء لبنان : لا مال من دون إصلاح بنيوي ، لا مال من دون إصلاح العلاقات مع دول الخليج وقبل وقف مهاجمتها والتطاول عليها . والسؤال الذي يطرح الآن، ما هي الضمانات بأن لا ينسف حزب الله مساعي ابراهيم ، وقد واصل الحزب اليوم مطاردة السفيرة الأميركية ، وقد شكاها لوزير الخارجية وطالبه بمعاقبتها لأن التدخل في الشؤون اللبنانية مسموح فقط لسفراء سوريا وإيران وروسيا ولقائد عصائب أهل الحق بحسب المعارضة ؟. وما سمعه اللواء ابراهيم بالكويتي سيسمعه أهل الحكم والحكومة بالفرنسية من فم رئيس الدبلوماسية الفرنسية إيف لودريان الذي قد يصل بيروت نهاية الأسبوع ، في مهمة هدفها انقاذ لبنان من حكومته ، قد تكون الأخيرة قبل تركه لمصيره .. لننتظر