… وفي اليوم السابع لم يسترح الصرح البطريركي في الديمان. البطريرك الماروني واصل للأحد الثالث على التوالي مطالبته بالحياد. الوفود الشعبية، شبابية وغير شبابية، تدفقت لتأييد البطريرك الراعي، كما حضر وفد سياسي رفيع يمثل “التيار الوطني الحر”، برئاسة النائب جبران باسيل. زيارة الوفد طرحت أكثر من إشكالية، تبدأ بشكلية الدعوة والكلمة المكتوبة لباسيل، وصولا إلى عمق الموقف وجوهر المضمون.
في الدعوة أولا، لقد علمت ال “أم تي في” أن مسؤولا مقربا من باسيل هو الذي طلب موعدا من أمانة سر البطريركية المارونية قبل أربعة أيام تقريبا، وبعد دراسة جدول المواعيد بين الطرفين، تم الاتفاق على أن يأتي الوفد بعد قداس الأحد إلى الديمان، وأن يستبقيه البطريرك إلى مائدة الغداء. فهل هذا ما قصده رئيس “التيار” عندما تحدث عن تلبية دعوة البطريرك، أم أنه تعمد إيراد صيغة ملتبسة في بدء كلمته المكتوبة، ليثير اللغط والأسئلة؟.
على أي حال، اللافت أن باسيل قرأ بعد الاجتماع بالبطريرك الراعي، كلمة مكتوبة ومدروسة جدا ومدوزنة على القياس، كما رفض، على غير عادته، الإجابة عن أي سؤال من الصحافيين المتجمهرين في الصرح. فهل يعني هذا أن باسيل فضل تجنب إحراج الأسئلة المباشرة؟.
في المضمون اللقاء كان وديا، لكن من الواضح أن ما يفهمه وما يريده البطريرك من الحياد، هو غير ما يفهمه ويريده “التيار”. باسيل خلط في كلمته المكتوبة بين الحياد والتحييد، وأعلن بصريح العبارة أنه مع التحييد، لكنه لم يعلن بمثل هذه الصراحة أنه مع الحياد. كما تعمد باسيل أن يربط بين الحياد وبين عدد من الأمور. علما أن مصادر “التيار” أكدت لل “أم تي في” أن ما طرحه باسيل ليست شروط “التيار” للحياد بل هي شروط لانجاح الحياد.
في المقابل، ما قاله البطريرك في الاجتماع كان واضحا جدا. فهو أكد أنه يدرك صعوبات المشروع لكنه سيسير فيه حتى النهاية، معتبرا أن الوفاء للبنان يفترض تقديم أقصى الجهود والتضحيات للوصول إلى الحياد. من جهة ثانية، أكد الراعي أن التحييد أو النأي بالنفس موقف لم يعد يكفي، لذا فهو يريد الحياد كصيغة قانونية ترد في الدستور، تماما كما هو حاصل في النموذج النمساوي.
في الخلاصة اجتماع اليوم بين البطريرك ووفد “التيار” كان جيدا، لأنه جزء من الحوار الوطني المطلوب حول صيغة تشكل حلا للقضية اللبنانية. لكن اللافت أن تغريدات مسؤولي “التيار” على “تويتر” لا تنم عن حماسة كبيرة للحياد ولا عن تأييد واضح له، وهو ما يتناقض مع ما قاله النائب ابراهيم كنعان لل “أم تي في”. فمن نصدق: ما قاله كنعان في الديمان أم ما كتبه المغردون على “تويتر”؟.