لو دريان في بيروت ، كبسة لمخالفين أكثر منها زيارة ممثل دولة كبرى لدولة سيدة ، لقد جاءت خطوة رئيس الدبلوماسية الفرنسية أشبه بعملية دهم نفذها مراقب لمستودع يزور القيمون عليه سلعا ومواد تضر بالشعب وبالشركة.
الشركة هنا تعني الدولة اللبنانية ، بسمعتها وسيادتها وصحة شعبها ومستقبله . و الفرق بين من زارهم لو دريان من أهل الدولة ، ومن دهمهم أمس واليوم رجال الاقتصاد والصحة والجمارك في مستودعاتهم ، أن أهل الدولة كان يعرفون بالكبسة الفرنسية لكنهم لم يحركوا ساكنا ولم يقوموا بأبسط ما عليهم لاستدراج اسباب تخفيفية يحتاجونها ويحتاجها لبنان للخروج من الورطة السوداء التي اوقعوه فيها .
هذا التصرف الرسمي الأرعن اسقط عن الزيارة صفتها الرسمية ، إن لجهة الشكل ام لجهة الخطاب الدبلوماسي وقد خلا من الكلام المنمق الذي يقال في مثل هذه المناسبات وأخذ منحى اتهاميا . والأخطر في التصرف الرسمي انه اسقط كل احتمالات نجاح الزيارة ، لا لامتناع فرنسا عن المساعدة بل لأن السلطة لم تسع لمساعدة فرنسا كي تساعدها ، والخشية ان تنفض فرنسا يدها من لبنان ، وهي رابطه الأخير الباقي بالعالم الحر.
فأهل السلطة عندنا قدموا للوزير الفرنسي الذي يعرف بيضة لبنان وتقشيرته، إنجازاتهم المثيرة للشفقة في مجال الاصلاح: تعيينات إدارية محاصصتية فاشلة، خلافات حول الأرقام منعت تفاهمهم بعد اشهر من المخاض مع صندوق النقد، تدقيق كاذب ومنقوص على المعابر الحدودية، عرقلة التعيينات والتشكيلات القضائية، إلغاء آلية التعيينات بالاجماع في المجلس الدستوري، اما حبتا الكرز على الكعكة العفنة فتمثلت في خطف البلاد بقطار حزب الله نحو الشرق على وقع توتير الحزب الوضع جنوبا عشية الامتحان الصعب للتجديد لليونيفيل. معيب حقا أن نرى الوزير الفرنسي يخرج من جيبه حزمة مساعدات مباشرة للمدارس الفرنكوفونية والمسيحية بسبب تقصير دولتنا عن القيام بالاصلاحات المطلوبة منها منذ سنوات، بدلا من أن تكون زيارة لودريان لتدشين مشاريع سيدر واستثماراته وأمواله. لو دريان الباحث عن الاصلاح و السيادة وعن حياد لبنان وعن النظرة الواعية لجوهر قيام لبنان الكبير، توجه الى بكركي حيث شكا، الى البطريرك الشاكي، ما يرتكبه المسؤولون اللبنانيون بحق وطنهم وقد ابتلت أكتاف الرجلين بدموع الأسى على الفرص الضائعة، فكلاهما يعرف أن شرْطي النهوض والانقاذ هما الاصلاح الممنوع والحياد المسلوب، والنتيجة شعب جائع ووطن مصلوب