IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”mtv” المسائية ليوم الأحد في 26/07/2020

إذا كان الحياد هو باب الخلاص للبنان من كل أزماته السياسية والإقتصادية والمالية والأمنية، فإن محاربة الكورونا تتطلب انحيازا وطنيا شاملا، وحربا ضد الفيروس القاتل. لكن وللأسف فمثلما يرى بعض اللبنانيين في الحياد تراجعا أمام الإمبريالية، كذلك يرى عدد منهم، أن اتقاء الكورونا ليس عملا وقائيا ضروريا بل ضعفا، من هنا يغرق لبنان في بحر الأزمات المالية والإقتصادية، ويكاد يغرق تحت التوسع السرطاني للفيروس القاتل.

والمؤسف بل المبكي، أن الدولة التي ترددت وتقاعست وامتنعت عن اتخاذ القرارات الحاسمة لاستعادة سيادتها وقراراتها الإستراتيجية، تتردد وتتقاعس عن اتخاذ الإجراءات الضرورية القاسية لمنع تآمر بعض اللبنانيين مع الفيروس، مرة لأنها تتكل على وعي شعبي مفقود، ومرة لارتباط الفلتان بخصوصيات الحرب الدائرة في المنطقة، ومرة للنقص الحاد في قدراتها على التحكم والسيطرة المادية والطبية والأمنية بفعل تراخيها.

في المحصلة، ها نحن اليوم بفعل كل هذه العوامل، ندخل بسرعة مذهلة في المرحلة الرابعة من تفشي الفيروس، وبحسب المؤسسات الطبية المعنية، لقد قطعنا هذه المرحلة في أيام قليلة، وها نحن نستعد للدخول على غير هدى في مرحلة انهيار النظام الصحي الذي سيصبح في حال عجز عن استيعاب أعداد المصابين الذي لن يكف عن التصاعد، ما لم يتم قمع المخالفين الذين ينشرون الفيروس والموت على مساحة الوطن.

عزيزتنا الحكومة القابعة في المريخ، نتفهم أنك بين انقاذ الاقتصاد المتداعي وإنقاذ أرواح الناس، لم تجدي الحل الوسط بعد، علما بأنه موجود. فبدلا من تخصيص الآلاف من رجال الأمن وعشرات القضاة لمطاردة المتظاهرين والمغردين وقادة الرأي، شغلي رجالك وقضاءك في مراقبة محترفي الجنون وقلة الضمير، من الأشاوس الذين يستبيحون صحة الناس وحياتهم، من خلال احترافهم رقصة الموت مع الفيروس القاتل، وأجبريهم على ارتداء الكمامات تحت طائلة الغرامات الباهظة والسجن.

توازيا، الانتشار العشوائي للفيروس، لم يحجب الأنظار والاهتمامات عن الملفات الاقتصادية والمالية المتفاقمة، ولا عن التعثر المبكي للحكومة في مفاوضاتها مع صندوق النقد، خصوصا بعدما أوصلتها بعنادها إلى الحائط المسدود، الأمر الذي استهجنه وزير الخارجية الفرنسية وكل أصدقاء لبنان.

كذلك لم يحجب الوباء القلق المتنامي على الوضع الأمني المتفاقم على الحدود الجنوبية، بعدما بلغت التحديات بين “حزب الله” وإسرائيل مراحل مثيرة للقلق من انفجار عسكري مدمر. الأمر هذا أيضا كان مدعاة استهجان وزير الخارجية الفرنسية وأصدقاء لبنان، الذين دعوا جميعا إلى اعتناق الحياد الذي ينادي به البطريرك الراعي ومعظم اللبنانيين كطوق نجاة للبنان. لكن أكثر ما يتسبب بالحزن في قلوب الغيارى على لبنان، أنهم يرون جهتين فقط لا تؤيدان الحياد: “حزب الله” وإسرائيل، ولا يجدون لذلك تفسيرا.