IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”mtv” المسائية ليوم الجمعة في 07/08/2020

إنه اليوم الثالث بعد النكبة التي حلت بلبنان. وكلما مر يوم كلما ازداد اليقين بضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية. فمع مثل هذه السلطة لا شيء يؤكد ان التحقيقات ستكون جدية. والدليل انه وقبل يومين من انتهاء المهلة التي حددتها السلطة لنفسها لاعلان نتائج التحقيقات، المصداقية لا تزال مفقودة. المسؤولون يكررون اللازمة نفسها، وفحواها انهم يلاحقون الحقيقة وانها حكما ستظهر. وهو الموقف الذي كرره السيد ميشال عون في دردشة مع الصحافيين في قصر بعبدا. لكن اللافت ان السيد عون لم يكرر الالتزام بمهلة لاعلان الحقيقة. فهل يعني هذا ان المدة صارت مفتوحة بعدما كانت محصورة ومحددة؟.

والاهم ان تركيبة لجنة التحقيقات لا توحي الثقة. ففي نكبة مرفأ بيروت السلطة هي المجرمة. هي التي قتلت الناس وشردتهم. هي التي الحقت اكبر الاضرار بالعاصمة، بل هي التي استقدمت الزلزال الى قلب لبنان. مع ذلك تريد السلطة المتهمة والجانية، ان تكون المحقق والقاضي! فهل يجوز ذلك؟. ان المسؤولين السياسيين والامنيين عن المرفأ نصبوا انفسهم اعضاء في لجنة التحقيق. ففي هذه الحال: من يحقق مع من؟ ومن يحاسب من؟. وكيف تريدوننا ان نصدق ان التحقيق سيكون شفافا وان العدالة ستتحقق؟.

بصراحة: اذا لم تتشكل لجنة تحقيق دولية فعلى الحقيقة السلام. وتكون دماء الشهداء قد ذهبت هدرا، تماما كما يتقن اهل السلطة ورموز الفساد والافساد هدر كل شيء في لبنان.

وتفجيرالمرفأ شكل الموضوع الوحيد للكلمة المتلفزة التي ألقاها السيد حسن نصرالله. لقد شدد الأمين العام ل”حزب الله” على ان لا شيء للحزب في المرفأ، ونحن نصدقه تماما، علما ان اتهام اي جهة لا يجوز حتى ثبوت العكس. لكن بمعزل عن ذلك، فإن نصرالله هاجم الاعلام ، عندما اعتبر ان ثمة وسائل اعلامية تتحدث عن “حزب الله” في موضوع المرفأ وعلى طريقة اكذب اكذب حتى يصدقك الناس. لقد كنا نتمنى على نصرالله ان يسمي المحطات التي يعنيها. فالتحديد ضروري عندما تكون هناك اتهامات مباشرة. فمثل هذه الاتهامات الخطرة والدقيقة لا يجوز ان تلقى جزافا وبالمطلق.

على اي حال، ومع اننا لا نعتبر انفسنا معنيين باتهامات نصرالله، فاننا نعتبر انفسنا معنيين بالرد على اتهامات تطال الاعلام. فغير صحيح ان وسائل اعلام اتهمت “حزب الله”. بل هي طرحت ثابتة وثلاث فرضيات في ما يتعلق بنكبة المرفأ. الثابتة هي الاهمال، والفرضيات الثلاث هي: اهمال المسؤولين، أو عمل تخريبي محلي، أو هجوم اسرائيلي مع احتمال ان يكون ل”حزب الله” علاقة بما في المرفأ. فلماذا يريد السيد نصرالله من الاعلام ان يلغي الفرضية الثالثة؟، هل التفكير اصبح جريمة في لبنان؟، وهل على وسائل الاعلام ان تتوقف عن طرح الفرضيات والاحتمالات؟.

لا يا سيد. ان وسائل الاعلام اللبنانية ليس لها تاريخ في الكذب والتزوير وقلب الحقائق كما قلت، بل لديها تاريخ في السعي وراء الحقيقة واعلانها وكشفها للرأي العام. انها مرآة الحقيقة في وجه كذب المسؤولين. هكذا كانت وهكذا ستبقى. وقد جاءت دول و اندثرت دول، وجاءت قوى وذهبت قوى وبقي الاعلام القوة الوحيدة التي لا تقهر، لأنه ابن الحقيقة، والحقيقة وحدها تبني وتحرر.