Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”mtv” المسائية ليوم السبت في 08/08/2020

أيها اللبنانيون: مبروك لكم أربع مرات: مبروك أولا لأن ثورة الكرامة والرغيف ولدت من جديد، وعاد النبض والحشد إلى ساحة الحرية. ومبروك ثانيا لأن أربعة نواب من نواب الأمة استقالوا اليوم وعادوا إلى صفوف الشعب، فصاروا خمسة وبدأوا كتابة لائحة الشرف التي تنتظر أسماء جديدة في الأيام القليلة المقبلة. ومبروك ثالثا لأن الثوار أعادوا وزارة الخارجية إلى الشعب فتحولت المقر الرئيسي للثورة. أما المبروك الرابعة فلأن المشانق علقت في ساحة الشهداء، بل عادت إلى ساحة الشهداء.

ففي العامين 1915 و1916 علق جمال باشا السفاح المشانق، وأعدم نخبة من ثوار لبنان كانوا يطالبون بالحرية والاستقلال. في العام 2020 انقلبت الآية. لبنان بشبابه وشيوخه، برجاله ونسائه وأطفاله، نزل إلى ساحة الشهداء ليعلق المشانق للمسؤولين ولرموز الفساد، بدءا من أعلى الهرم و”كلن يعني كلن”.

طبعا الثوار تعرضوا للعنف من حرس مجلس النواب والقوى الأمنية، وأطلق عليهم الرصاص الحي إضافة إلى القنابل المسيلة للدموع حتى لا يقتحموا البرلمان الفاشل. كما أن المواجهة بين القوى الأمنية والثوار أدت إلى استشهاد عنصر من عناصر قوة مكافحة الشغب. فهل يتحمل حسان دياب ومن وراءه الدم الذي سقط في ساحة الشهداء؟، وألا يعلم أن مخططه لوضع القوى الأمنية في مواجهة شعبها سيطلق دورة عنف لا تنتهي؟.

رغم ذلك، الثورة اليوم أعادت إثبات قوتها وديناميتها، لكن المهم ألا تنتهي قبل رحيل منظومة السلطة الفاسدة. فإذا كانت مشانق القرن العشرين شقت الطريق إلى الحرية، فإن مشانق القرن الحادي والعشرين يجب أن تشق الطريق إلى التحرر من منظومة فاسدة ومفسدة، ومن حكام باعوا ضميرهم على مذبح تكالبهم على المال، وباعوا شعبهم على مذبح شهوتهم إلى السلطة.

في التحقيقات، التوقيفات حتى الآن اقتصرت على الموظفين، وعلى رأسهم المدير العام للمرفأ والمدير العام للجمارك. والواضح من خلال ما يحصل أن الهدف احتواء النقمة والغضب، وعدم الوصول إلى الرؤوس الكبيرة من رؤساء ووزراء. فلقد ثبت من خلال ما بثته ال “ام تي في” أن رئيس الحكومة ووزيرة العدل ووزير الأشغال كانوا على علم بما يحتويه العنبر 12 من خلال تقارير ومراسلات وبلاغات أرسلت لهم، لكنها أهملت أو لم تتابع كما يجب.

والاهمال لا يقتصر على مسؤولي اليوم فحسب بل المسؤولين السابقين أيضا، من العام 2014 إلى اليوم. وهو ما يبرر “استقتال” المسؤولين لعدم تشكيل لجنة دولية للتحقيق. فالتحقيق في لبنان يبقى تحت السيطرة، ولا يجروء أحد على محاسبة رئيس أو وزير. في حين أن التحقيق الدولي لن يتوقف عند مسؤول مهما كبر، ولا عند وزير أو رئيس مهما تجبر، وسيضع الجميع تحت مجهر المساءلة.

واللافت أن كبار المسؤولين الذين طالبوا وسعوا إلى إجراء تحقيق دولي للتدقيق في حسابات مصرف لبنان، هم أنفسهم يعارضون اليوم التحقيق الدولي في نكبة بيروت. فهل أصبحت موجودات المصرف المركزي أهم من أرواح اللبنانيين عند رموز الطبقة الحاكمة؟، وهل المال في لبنان صار أغلى من الانسان؟.

الثوار على حق: الآن الآن وليس غدا، فلتعلق المشانق.