ضربة انفجار الرابع من آب وما حصده من أرواح، الهزة التي أحدثها النهر البشري الذي غمر وسط العاصمة، الإهانة التي تسببت بها الميليشيات المتسترة بزي العسكر الشرعي، دعوة البطريرك الراعي الحكومة إلى الإستقالة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، دومينو الإستقالات النيابية والوزراية الذي بدأ يؤسس لانهيار الهيكل الكرتوني للسلطة، حصر مؤتمر دعم لبنان مساعداته بالشق الإنساني، أي من الدول الصديقة إلى الشعب اللبناني الجريح من دون المرور بزواريب علي بابا الحكومية والرسمية، صرخات الناس الجائعين الذي يتقلبون على ناري العوز والكورونا:
هذا السيل من اللكمات، إذا لم يدفع السلطة المتسلطة بكاملها إلى الرحيل، فإن ذلك يشكل استدعاء للمزيد من الغضب في الشوارع، وللمزيد من الإنهيارات المالية والاقتصادية، والأخطر أن هذا العناد يشكل مشاركة مباشرة وسافرة للسلطة في الحصار المضروب على لبنان. فالرئيس ماكرون قالها جهارا وصراحة في لبنان: “لا مساعدات ولا أموال ولا استثمارات ما لم تصلح الدولة إداراتها ونظامها المالي، وما لم تقفل أبواب الإهدار”، واليوم قالها ماكرون من باريس ووافقه كل رؤساء الدول، فهل ستنصاع الدولة اللبنانية؟.
توازيا، حركة سياسية محمومة بدأت تأخذ منحى تصاعديا، الغاية منها إسقاط الحكومة والمجلس النيابي، وتجلياتها ظهرت في ارتفاع وتيرة استقالات النواب والوزراء.
رئيس المجلس نبيه بري الذي يستشعر الخطر، سعى إلى الاقتراب من الناس فاتهم الحكومة بتجاهل مجزرة المرفأ، ودعا إلى جلسات مساءلة مفتوحة بدءا من الخميس، وسط معلومات تفيد بأن المجلس سيطرح الثقة بالحكومة إن لم تستقل تلقائيا قبل الخميس.
في السياق، سجل اليوم تواصل على مثلث معراب- بيت الوسط- المختارة، فقد التقى الوزير السابق ملحم الرياشي الرئيس سعد الحريري موفدا من الدكتور سمير جعجع، فيما تحضر الأرضية لتواصل مماثل وهادف مع رئيس “الاشتراكي”، وذلك لدرس الخيارات الأفضل للخروج من الأزمة.
في الأثناء، واصل البطريرك الراعي حملته المطالبة بالحياد والإصلاح، ليتناغم لبنان مع التوصيات الدولية، فدعا إلى استقالة الحكومة وإجراء انتخابات نيابية.
في الانتظار، حسان دياب الذي أحس بالسخن أمضى نهاره وسيمضي قسما كبيرا من ليله وغده يسعى إلى استرضاء الوزراء كي لا يستقيلوا، أو أقله أن يتريثوا في الاستقالة، لكن سخرية الأمر، أن استمهاله إياهم ليس لنيته في تغيير الأداء، بل لتحضير لائحة وزراء بدلاء متلهفين للتوزير يعبئون بهم الفراغات، على غرار ما حصل إثر استقالة الوزير ناصيف حتي. “شوفو هني وين، والبلد المنهار وين”.