سقطت حكومة حسان دياب و معها السلطة ، هي كانت ساقطة ، بالمفهوم الأخلاقي للكلمة وبالمفهومين السياسي والشعبي ، وهي لم تكن لتظل واقفة لولا تمسك رئيسها بالكرسي ولولا تمسك من يدعمه بحكومة- دمية يتحكم عبرها بالبلاد و العباد .
إذا، الكلام عنها بصيغة الماضي صار حقيقة مستحقة، تماما كما نسعى الى الكلام عن زلزال الرابع من آب. والمعيب ان الجامع المشترك بينهما أنهما أحدثا في بنية الدولة الاقتصادية والسياسية والدستورية والجغرافية- الهندسية، وفي سمعة لبنان، ما لم يحدثه لا زلزال ولا احتلال ولا الحروب الداخلية ولا الحروب التي شنها الأعداء على لبنان في تاريخه.
اما الفضل في إسقاط الحكومة فيعود من دون شك الى : أولا ، تعثر رئيسها و وزرائه ورفضه انتهاج سياسة إصلاحية واضحة ما أدى الى فصل لبنان عن المنظومات العربية و الدولية والمصرفية العالمية. ثانيا، بركان الرابع من آب وما استدرجه من دم ودمار وخسائر مادية استدعت تدخلا دوليا عاجلا، سرعان ما ربط كارثة المرفأ بالفساد ، مستنتجا بأن المساعدات لا يمكن أن ترسل الى دولة فاشلة كي تديرها حكومة لا ثقة فيها . ثالثا، ثورة 17 تشرين وقد شكلت الإسفين الأكبر الذي دق في نعشها ، وهي الحكومة الثانية التي يسقطها الشعب، عل الحكومة الثالثة تكون الثابتة التي يحلم بها كل اللبنانيين.
التدرج نحو الاستقالة لم يأت نتاج قناعة تكونت لدى دياب وعون وبري وحزب الله ، بدليل سعيهم الى شراء الناس بتحويل جريمة المرفأ الى المجلس العدلي كبديل ، بل جاء نتيجة تعارضات مكتومة وعلنية بين هذه المكونات السلطوية . فالحزب لم يكن متحمسا للاستقالة وفقدان آلية حكم سهلة القيادة كحكومة دياب . لكن اصطدام دياب ببري ومطالبة الأول تقصير ولاية المجلس النيابي اضطرت الحزب الى مسايرة توأمه في الثنائية . السيد ميشال عون لم يكن متحمسا ايضا ، لكن جملة عوامل أجبرته على الرضوخ ، من بينها انهيار جزء من الجدار الوزاري الواقي وتأنيب الرئيس الفرنسي باسم كل رؤساء العالم ودخول البلاد مرحلة متقدمة من الفقر والمجاعة ، وامتناع الرئيس الحريري حتى الساعة عن قبول ترؤس الحكومة المقبلة .
في السياق يرد البعض قبول الاستقالة الى deal ركب مع الرئيس الفرنسي المفوض أميركيا ، يقضي بترسيم الحدود مع اسرائيل وضبط الحدود الشرقية في مقابل تخفيف الضغط على حزب الله وعون وتشكيل حكومة مقبولة . في المقابل ، لا يكتفي قسم مؤثر من اللبنانيين باستقالة الحكومة بل يطالب بسقوط كل منظومة السلطة : رئيس للجمهورية ، المجلس النيابي والحكومة ، تشكيل حكومة انتقالية مهمتها إجراء انتخابات نيابية نزيهة ومن ثم إجراء اصلاحات دستورية في العمق تجدد الطائف وتجعله قابلا للتطبيق بل واجب التطبيق . في الانتظار القوى السياسية الأساسية في حيرة ، بين من يريد الاستقالة من المجلس ومن يريد البقاء ومن يتريث.