دمر انفجار الرابع من آب كل ما لا يجب تدميره ، وكأنه قاتل مأجور يعمل لدى هذه السلطة ، وبدلا من أن ينضج في رؤوس رجالها بعضا من ضمير وطني أو حس انساني انطلاقا من أنين الحزانى وصراخ الأطفال الجياع ، فإن هؤلاء سرقوا اللحظة المخضبة بالدم ، وانصرفوا الى تحصين مواقعهم وإعادة لملمة صفوفهم معتقدين أن الانفجار شتت الناس وخطف ارادة التغيير التي تولدت لديهم في السابع عشر من تشرين .
هذا في العاصفة وتداعياتها السياسية ، أما في زيارة ماكرون الذي جاءت به العاصفة وستأتي بعده بديفيد هايل رسولا من ترامب ، فإن السلطة التي تبدو “مزروكة” بين الجمعة موعد وصوله ، والأول من أيلول موعد عودة ماكرون ، تسعى الى العمل على خطة تعمية من فصلين، وقد شبه لها أنها قادرة على غش الرجلين وما يمثلان : الفصل الأول ، تشكيل حكومة “لم شمل” تأخذ صوريا بمطالب الناس وتتشكل من خليط هجين شبيه بمكونات حكومة حسان دياب. والفصل الثاني، وهنا يضاف السم الى العسل ، يوافق حزب الله بلسان السيد بري وموافقة السيد ميشال عون , بترسيم الحدود اللبنانية مع اسرائيل، ويدعمون قبولهم بضمانات توحي بأن الدولة والحزب سيتحولان الى حارسين أمينين لإسرائيل ، على أن تكفل إيران الهدنة على جبهة الجولان .
لكن السلطة التي استخفت بغضبة الناس وتسعى الى غش الدول الصديقة ، تلقت صفعة من الرئيس الفرنسي اليوم . فبعد الاعلان عن اتصال للرئيس الفرنسي بجبران باسيل، أوحى ناشروه بأنه ندي و يشكل استكمالا لفك عزلة العهد ، جاء اتصال الرئيس ماكرون بالرئيس الإيراني ليكشف حقيقة التوجه الفرنسي المصر على تغيير حكومي ودستوري حقيقيين ، إذ قال للرئيس روحاني: على كل الأطراف المعنية الكف عن التدخل الخارجي في الشأن اللبناني ودعم تشكيل حكومة جديدة .
وكان ماكرون تلقى اتصالا من الرئيس بوتين يصب في الاطار نفسه . في الانتظار، التعاطي العدلي والاعماري الرسمي مع محيط تفجير 4 آب ، تفوح منه الخفة وعدم الجدية : فلا المطر الباكر الذي يتساقط على المنازل المشلعة ولا صرخات الجياع ، حركا الحكومة والسلطة للتعجيل في رفع الأضرار، ولا الجريمة الموصوفة ولا مرتكبيها المعروفين حرك العدالة للاقتصاص منهم ، بل بالعكس، فقد كاد الانفجار أن يتكرر بتعيين قاض عدلي مطواع منحاز للتحقيق بالجريمة لولا تصدي مجلس القضاء الأعلى .
واستكمالا للمشهد العبثي ، تتعرض المنطقة المنكوبة لهجمة غربان وضباع السماسرة العقارييين ، لكن اهل المنطقة الذين فقدوا منازلهم لكنهم لم يفقدوا كراماتهم صدوا الهجمة، والسؤال: هل سيواجه الغربان والضباع رفض الناس بتأخير إعادة إعمار المنطقة لإخضاعهم ؟، الجواب نستعيره من الإمام علي : إحذر صولة الكريم اذا جاع . وهذا ما وثقته الزميلة جويل قزيلي التي استطلعت آراء الناس وما تعرضوا له من إغراءات