ظريف أعطى الـ Pass لنصرالله عندما أبلغ دول العالم المهتمة بانقاذنا، بأن لا شيء يفرض على لبنان الدولة ذات السيادة، فتلقف السيد الكرة ساخنة وسددها في مرمى اللبنانيين المطالبين بحكومة حيادية وبوزراء حياديين من أصحاب الاختصاص، تنقذ لبنان من الكارثة وتجري انتخابات نيابية مبكرة وتوكل إلى لجنة تحقيق دولية مهمة كشف القتلة الذين تسببوا ببركان الرابع من آب.
الوسيلة التي استخدمها السيد حسن ليست جديدة بل تقليدية ومتوقعة، وقامت على ثلاثة أعمدة: الأول، التلويح بالاصبع وبأعلى الحنجرة للبنانيين وكل من يشد على مشدهم، قائلا: لا لحكومة الحياديين، وما هو مسموح هو حكومة سياسيين مطعمة باختصاصيين. هذا يعني باختصار أن حسان لم يسقط. ثانيا، لتحصين موقفه، وجه السيد حسن كلاما تفخيميا للسيد الرئيس ميشال عون حيا فيه عناده ووفاءه لخيارات “حزب الله”، مقفلا بذلك أي هامش تمايز لعون عن الحزب في شأن تأليف الحكومة العتيدة، ولو أدى الأمر إلى إغراق ما بقي طافيا من مركب العهد. العمود الثالث، رفض التحقيق الدولي في تفجير المرفأ، وللحزب تجربة مؤلمة، ولو كابر وأنكر، مع المحكمة الخاصة بلبنان التي ستلفظ حكمها في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الثلثاء. والحزب لن يقبل طبعا بأن يودع محكمة قد تدينه ليستقبل أخرى قد تدينه.
مما تقدم، من العبث الرهان على استشارات نيابية لتسمية رئيس يتكلف تأليف حكومة جديدة، إلا إذا قرر الحزب تسمية رئيس حكومة تحد للبنانيين والعالم، حكومة تسرق لبنان من محيطه ورسالته التاريخية إلى متاهات الشرق الحزين.
في المقابل، ما لا يمكن توقعه هو ردة فعل المجتمع الدولي، وخصوصا واشنطن وباريس، فإذا افترضنا أن باريس ستكتفي بتسجيل موقف مبدئي متحفظ عن أداء الحزب، وبدعوة الدولة إلى تأليف حكومة الناس، من دون المزيد من الضغط الذي يعطي الحزب العذر للجوء إلى الوسائل العنفية التي لوح بها السيد حسن. إذا اكتفت باريس بذلك، فإن واشنطن توعدت بالمزيد من الضغوط والحصار بما يحول لبنان أمنيا إلى صومال جديد، وإلى إريتريا اقتصادية، أي دولة تعيش مما تأتيها به السفن وما تحمله إليها الطائرات من طحين وحبوب ومساعدات ودواء.
وما يزيد الأمور سوءا، غير الدولة الغبية طبعا، هناك الكورونا، العدو الصامت الذي لا ينفك يتفشى حتى صارت معدلات الإصابات به عندنا تتجاوز تلك المسجلة في دول أكبر من لبنان بعشرة أضعاف لجهة المساحة وعدد السكان.
هذه التحديات المتعددة، هل ستثقل كاهل الشعب المنتفض، هو المتهم من قبل السيد حسن بأنه يجر لبنان إلى الحرب الأهلية، أم أنها ستزيده صلابة وتصميما على اعتماد كل الطرق، اللاعنفية طبعا، لتحقيق لبنان الذي يريد؟. السؤال طرحه اليوم ديفيد هيل في ختام جولته اللبنانية، وفي ختام كلمة مصورة وجهها إلى اللبنانيين.