طبيعي أن تنتهي محاولة استيلاد حكومة استرضاء ماكرون قبل أن تبدأ ، والسبب الوضعي السطحي يعود الى أمرين : الأول، الرغبة المشتركة الجامحة لكل من افراد الثامن من آذار في ابتلاع الحصص الوازنة، وانقسامهم حول اسم رئيس الحكومة العتيد ، بين من يريده نسخة هامدة عن حسان دياب ، ومن يريده حريري جديدا يصطاد لهذا الفريق المال والمساعدات من دون أن يأكل .
السبب الثاني، ثقة مفرطة تنتاب الثنائي الشيعي بأن الحريري في الجيب ويكفي إقناع السيد ميشال عون وجبران باسيل به لتولد الحكومة. أما السبب العميق المضمر من الدعوة الى اجتماع بين اهل هذا الفريق لاستيلاد رئيس للحكومة، فيعود الى شعور الثنائي، وتحديدا حزب الله، بأنه المسؤول في نظر اللبنانيين والعالم عن تسهيل ولادة حكومة او عرقلتها، فقام بهذه المهمة لرفع العتب، عالما مسبقا بموقفي الحريري وعون -باسيل المتناقضين .
بعد هذه المسرحية يستطيع الثنائي ان يقول للرئيس ماكرون، هذا إن عاد، إنه قام بما عليه، فتخرج طابة الملامة عندها من ملعبه. وفي السياق لا تستبعد مصادر مطلعة للـmtv أن يكون الثنائي الشيعي وعون – باسيل يعملون لحرق الحريري وإطالة عمر حكومة دياب في الخدمة الى ما بعد الانتخابات الأميركية
هذه المغامرة-المقامرة، إن صح السيناريو، أكبر من ان تتحملها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمالية والأمنية المنهارة، فهي في المدى القريب ستدفع الدول الصديقة وفي مقدمها فرنسا الى نفض أيديها من لبنان نهائيا، وفي المدى المتوسط ستسقط البلاد في الفوضى والجوع، وما عجزت السياسات الطائشة عن تدميره يتولاه الانتشار المخيف للكورونا. وقد رأينا كيف أسقط لبنان في الأيام الأخيرة في التصنيفات والمؤشرات المالية الدولية. يعزز هذه النظرة المتشائمة ، النشاط المفرط على خط التسويات الشرق اوسطية وبين بعض العرب واسرائيل ، والنشاط الأميركي الملحوظ على هذا الخط ، وقد زار وزير الخارجية الأميركية بومبيو اسرائيل .
لبنانيا، الهجمة على البطريرك الراعي من قبل حزب الله وإعلامه واتهامه بالتواطؤ مع اسرائيل من خلال طرحه الحياد ، أثارت غضبا وطنيا عارما، الأمر الذي استدعى ردا قاسيا غير مسبوق من اللجنة الاسقفية لوسائل الإعلام، لم يكتف بتعنيف الحزب وإعلامه مذكرا إياهما بأن البطريرك ناصع كثلج صنين، بل وجه انتقادا مباشرا لبعض من في السلطة ويدعي حماية حقوق المسيحيين، كيف يسكت عن هذا التهجم الظالم.