حكومة المهمة عالقة في عنق الزجاجة، ولبنان في قلب ازمة حكومية من جديد. السبب واضح لا يحتمل التأويل. فالثنائي الشيعي يرفض بشدة تغيير قواعد اللعبة، ولن يقبل التخلي عن مكتسبات سلطوية اكتسبها على مر السنين.
هنا سؤالان يطرحان, على الرئيس نبيه بري اولا وعلى حزب الله ثانيا.
فبري وحركة امل في الحكم منذ اقرار الطائف، اي منذ تسعينات القرن الفائت. فهل يعتبران انهما نجحا في قيادة البلد؟، وألا يريان ايضا انهما يتحملان جزءا كبيرا من مسؤولية تدهور الاوضاع في لبنان طوال الثلاثين سنة المنصرمة، وانهما جزء لا يتجزأ من منظومة الفساد المعشعشة في معظم ادارات الدولة؟
اما حزب الله الذي يرفع شعار المقاومة فكيف تحول حزبا يريد السلطة ولو على حساب الناس؟
لقد كان يقول في الماضي انه لا يريد لا النيابة ولا الوزارة، وشيئا فشيئا تخلى عن شعاره، فدخل مجلس النواب، ومن ثم شارك في الحكومات المتعاقبة. فأصبح حزبا مقاوما في السلطة وهو امر مستغرب، اذ كيف تجتمع المقاومة والسلطة تحت سقف واحد؟.
والمستغرب اكثر ان يضحي حزب الله بالمصلحة اللبنانية، في سبيل وزارة المال، او ربما في سبيل الثلث الضامن. فأيهما أبدى: مصلحة الوطن والناس، ام مصلحة الطائفة انطلاقا من محاولة تمرير مبدأ المثالثة في الحكم؟.
في الوقائع: رئيس الحكومة المكلف علق اعتذاره حتى اشعار آخر، والمبادرة الفرنسية مستمرة حتى اشعار آخر.
الرئيس الفرنسي تخطى اليوم همومه المحلية ليجري سلسلة اتصالات بعدد من المسؤولين والزعماء اللبنانيين المعنيين بعملية التأليف. ووفق المعلومات فان ماكرون حاول ان يحقق خرقا للجمود الحاصل عبر تغيير الموقف الرافض اعطاء الثنائي الشيعي حقيبة المال.
ووفق المعلومات ايضا، فان ماكرون تحدث مع المعنيين في الموضوع بلهجة لم تخل من الحدة والقسوة، لكنه جوبه بموقف جذري فحواه: لا يمكن اعطاء الثنائي الشيعي وزارة المال لأنه يثبت مبدأ المثالثة محليا، كما يحول المبدأ عرفا مغطى بضمانة دولية، وتحديدا فرنسية.
اذا مقابل الاصرار الشيعي على وزارة المال، الرفض السني مستمر ايضا. توازيا الموقف المسيحي السياسي الاساسي معروف.
فمن خلال ما اعلنه ويعلنه رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر ورئيس القوات اللبنانية، يتبين ان القوى المسيحية الاساسية مع المداورة في الوزارات بلا استثناءات.
وهو موقف يتلاقى مع موقف البطريرك الماروني الذي اجريت معه اليوم اتصالات داخلية وخارجية، شدد خلالها، كما علمت ال “ام تي في”، على ضرورة احترام الدستور في تشكيل الحكومة وعلى انه لا اجتهادات في تطبيق الطائف.
فكيف سينتهي الكباش الحكومي – الدستوري – السياسي والمحلي – الاقليمي – الدولي، وهل يكون الثمن بقاء حكومة حسان دياب لتصريف الاعمال حتى اشعار آخر؟.
وايضا: هل اصبح ماكرون يعتبر ان انقاذ مبادرته أهم من انقاذ لبنان؟.
صحيا، الوضع ليس افضل حالا. فعداد كورنا سجل رقمين قياسيين مخيفين: 750 اصابة و18 حالة وفاة. فهل تخطينا الخط الاحمر ودخلنا مرحلة الخطر؟.