عملية التكليف على السكة الدستورية الصحيحة من جديد. فبعد مرور أحد عشر يوما على تقديم مصطفى أديب اعتذاره، أخذ الرئيس ميشال عون المبادرة وحدد موعد الإستشارات الملزمة للنواب بهدف تسمية رئيس حكومة جديد. يمكن أن يقال إن الدعوة جاءت متأخرة. كما يمكن أن يتساءل البعض لماذا رئيس الجمهورية لم يدع إلى الإستشارات نهاية الأسبوع الحالي أو مطلع الأسبوع المقبل بدلا من أن يترك الأمور إلى الخميس المقبل؟ المهم أن الخطوة المطلوبة حصلت، وتبشر بمسار يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح. كما تثبت أن الرئيس مؤتمن على الدستور حقا ، ولا يسمح لنفسه أن يناقضه أو ينقضه لا نصا ولا روحا. علما أن التأخير الذي حصل والمستمر إلى الخامس عشر من الجاري يمكن أن يشكل عاملا إيجابيا يساعد القوى السياسية المختلفة على استكمال مشاوراتها، وعلى الإتفاق ربما على معالم التأليف قبل التكليف، حتى لا نكون أمام مصطفى اديب-2 ، أي أمام اعتذار جديد.
دعوة عون جاءت لتقطع الطريق على مقولة تعويم حكومة حسان دياب. فرئيس الجمهورية على ما يبدو، غير راغب في الامر، كما يريد ان يحشر القوى السياسية ويحملها مسؤولية التعطيل في حال عدم اتفاقها على رئيس للحكومة، بدلا من ان يتحمل هو التبعات السياسية لذلك. الدعوة الدستورية تزامنت مع موقف فرنسي لافت. اذ اعلن وزير الخارجية الفرنسي ان فرنسا ستنظم مؤتمرا للمساعدات الانسانية للبنان في الشهر المقبل، كما ان مجموعة الاتصال الدولية بشأن لبنان ستعقد اجتماعا خلال ايام . وهو ما يثبت مرة جديدة أن المبادرة الفرنسية مستمرة وإن باطار آخر، وأن المجتمع الدولي ما زال على اهتمامه بالملف اللبناني. فهل تكون القوى السياسية على قدر المرحلة وتفاجىء اللبنانيين والعالم بانتاج حكومة؟ ام ان فشلها سيتواصل وعجزها سيستمر وفسادها سيبقى اقوى من اي محاولة انقاذ؟