ألغاز التلحيم، ألغاز الغاز المتفجر، ألغاز النيترات، ألغاز الكورونا والدولار والتهريب، سرقة المدعوم ودعم السارق، حرمان المحروم، الفلتان الأمني والقتل المجاني، فالحرائق، المفتعل منها والعرضي.
مسار وطن معذب، ملطخ بجرائم ومآس لا يلقى القبض على مرتكبيها، رغم وضوح أسمائهم والعناوين. ولا نعجب لماذا، لأن أول ما تم حرقه واغتياله في هذا البلد الشهيد هو الدولة بمؤسساتها. بحيث أن انفجار الرابع من آب، لم يكن سوى تتويج لهذه الجلجلة والمشهد الختامي من مسرحية تراجيدية قاتلة، طالت فصولها ونجحت عروضها ونجم أبطالها، بحيث لم يعد معروفا في نهايتها من يدفن من: الأموات من اللبنانيين أم الأحياء.
وسط هذا الواقع المغرق بالعبثية، ما عاد الناس يسألون: من المسؤول؟، بل يسألون، وقد استسلموا لقدرهم: متى الانفجار المقبل أو الحريق المقبل وأين، ومن هم الضحايا؟. فاللبناني بات يضع الموت جوعا أو مرضا في خانة تحصيل الحاصل. وفيما هم يسألون وصلهم صدى انفجار قارورة غاز دوى في إحدى السيارت في طرابلس، كان التعتير دفع صاحبها إلى تحويل تشغيلها من البنزين إلى الغاز للتوفير، لكنه لم ينج بفعلته، لأن الفقير منحوس.
في السياسة، وفي الشأن الحكومي تحديدا، كمية الألغاز أقل، فالرئيس الحريري يدرس الصيغة التي سيعرضها على القوى السياسية، وهي تستلهم بمضمونها وروحيتها ورقة قصر الصنوبر، مع إمكانية محدودة جدا للبننتها، أي استخدام الأكروباتية في رسم التخريجات المسهلة للتأليف. فالثنائي موقفه معروف، وقد جدده اليوم بالتأكيد أنه هو من يسمي وزراءه، وهذا لغم سينفجر في وجه الحريري بمجرد مقاربته إياه. علما بأنه أكد ليل الخميس على الـmtv، أنه لن يرض بأقل من الشروط التي وضعها، ملزما نفسه قبل أن يلزم الآخرين.
في المعلومات، فإن “حزب الله” يناور أي انه سيقبل بورقة الصنوبر الفرنسية كورقة تين، على أن ينقلب على الحريري لاحقا، تماما كما فعل مع أديب، معتبرا أن الضغط الفرنسي غير ذي وزن، فيما الأميركي غير معني بالتأليف وهو يركز على العقوبات وعلى مشهدية الترسيم مع إسرائيل.
في السياق، بداية اجتماعات ترسيم الحدود، تتعرض لإغراقين: إسرائيلي معروف الأهداف وغير مفاجىء، ولبناني مجهول الأهداف وغير مفاجىء، إن لجهة النقص في مروحة خبرات أعضاء وفده المفاوض، أو لجهة النقص في الوثائق، خصوصا أنه يتعين على الوفد اللبناني القتال لتصحيح خطأ كبير ارتكبه لبنان أثناء المفاوضات البحرية مع قبرص.