البلد يغلي والناس تئن وتتوجع ، والمسؤولون كالعادة لا يسمعون لأنهم منشغلون بتركيب الحكومة.
القوى العمالية تعد ليوم الغضب غدا ، والصيدليات اضربت عن العمل اليوم استنكارا لما يحص ، والمسؤولون كالعادة لا يشعرون لأنهم منشغلون بتحديد شكل الحكومة وهويتها. الراغبون في الهجرة على ابواب السفارات والقنصليات أكثر من ان يعدوا وان يحصوا، والمسؤولون كالعادة لا يرون الصور المذلة لانهم منشغلون بتعداد حصصهم ومكتسباتهم في الوزارة المقبلة.
انها صورة قاسية لكنها حقيقية . فبعد سنة تقريبا على اندلاع انتفاضة 17 تشرين تبدو الامور كأنها عادت الى المربع الاول.
والاقسى ان المسؤولين الذين نحروا البلد واوصلوه الى الافلاس والموت هم انفسهم يتحدثون اليوم عن استعادة الثقة. فعن اي ثقة يتحدثون؟ وهل بتشكيل حكومة اختصاصيين مموهة، اي يختارها السياسيون ويتقاسمونها، يمكن ان يستعيد لبنان ثقة المجتمع الدولي به ، ويمكن ان يستعيد اللبنانيون ثقتهم بما تبقى من وطنهم ومن دولتهم؟
حكوميا السؤال الكبير الذي يشغل الاوساط السياسية هو: هل يكلف الحريري الخميس للمرة الرابعة تشكيل الحكومة؟ الاجابة عن السؤال غير محسومة، وخصوصا ان المشاورات التي يجريها وفد تيار المستقبل لم تتبلور نتائجها بعد.
لكن الثابت ان نجاح مبادرة الحريري يتوقف على عاملين: النية الحقيقية لحزب الله في التوصل الى تسوية في الوقت الحاضر، ثم تجاوب رئيس التيار الوطني الحر مع مبادرة الحريري. وما قاله رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قبل قليل يدل على انه لن يسير في طرح الحريري. فهل تؤجل استشارات الخميس الى موعد آخر؟
توازيا، الانظار متجهة غدا الى الناقورة حيث اولى جولات التفاوض بين لبنان واسرائيل حول ترسيم الحدود. واللافت ان لبنان يبدأ المفاوضات في ظل اشكال بين الرئاستين الاولى والثالثة على الصلاحيات وفي ظل عدم رضى من حزب الله على الوفد اللبناني كما شكله الرئيس عون.
واذا كان الاشكال الاول دستوريا بامتياز فإن الإشكال الثاني سياسي . فهل تشكل مفاوضات الترسيم بداية افتراق استراتيجي بين التيار والحزب، ام ان تفاهم مارمخايل لا يزال اقوى من اي اشكال؟