لو كنا في بلد عادي لكانت الاتصالات لا تتوقف لانجاج عملية التكليف . ولو كان المسؤولون عندنا يتحلون بالحد الادنى من المسؤولية لكانت المحركات السياسية لا تنطفىء في سبيل الوصول الى حل للمأزق الذي نعيشه جميعا.
لكننا بالنتيجة في لبنان، وتتحكم بأمرنا مجموعة فاسدين غير مبالين لا يكترثون بنا وبمستقبلنا. لذلك فان الحركة السياسية شبه جامدة، والمساعي شبه متوقفة، والوساطات شبه معدومة.
الجميع في انتظار الاربعاء، وهو الموعد المفصلي لمعرفة اتجاهات الريح الحكومية.
فالرئيس عون سينتظر على الارجح الى مساء الاربعاء ليتخذ قرار التأجيل، اذا كانت المعطيات المحلية والاقليمية والدولية تسمح له بذلك.
وفي المعلومات ان الادارة الفرنسية تمارس ضغطا هائلا حتى لا تؤجل الاستشارات، وانها تبذل كل ما في وسعها لانجاح عملية تكليف الرئيس سعد الحريري.
توازيا، الادارة الاميركية لا تمانع في وصول الحريري الى رئاسة الحكومة. وثمة من يتحدث عن قبة باط اميركية لتحقيق الامر لكن وفق الشروط التي وضعتها واشنطن لعملية التأليف، وهي تختصر بالاتي: ان لا يكون في الحكومة تمثيل لحزب الله، ان يكون الوزراء من الاختصاصيين المستقلين، وان تلتزم الحكومة خريطة طريق صندوق النقد الدولي لايجاد مخرج للانهيار الاقتصادي- الاجتماعي الذي يدق ابواب لبنان.
محليا، الرئيس الحريري لا يزال يلتزم الصمت، وسيحافظ عليه حتى الاربعاء على الاقل. اما رئيس الجمهورية فقالت مصادر تدور في فلك الثامن من آذار لل “ام تي في” ان لديه ما يقوله .
فلمن الغلبة ستكون : للغة الصمت ام للغة الكلام ؟ على اي حال، اذا سارت عملية التكليف كما يجب وكلف الحريري، فان عملية التأليف ستكون صعبة جدا ومضنية.
فالرئيس المكلف العتيد سيكون عليه التزام احد خياري ، اما تشكيل حكومة المبادرة الفرنسية واما تشكيل حكومة حزب الله . فماذا سيختار؟ وهل التوفيق ممكن بين الخيارين؟ مع استمرار التعثر السياسي اطلقت الهيئات الاقتصادية صرخة استغاثة اخيرة ، داعية الى تشكيل حكومة باسرع وقت ممكن قادرة على تنفيذ المبادرة الفرنسية.
وسط هذه الصورة الضبابية ضوء برز , فبعد مماطلة وانتظار ، أزالت القوى الامنية المخالفة الموضوعة على املاك الكنيسة المارونية في لاسا. منطق الدولة انتصر اخيرا في منطقة محددة على منطق الدويلة . فهل ما سرى على لاسا اليوم يمكن ان يسري على كل لبنان في أحد الايام؟