الفقر، القلة، أنين الناس، انتشار الكورونا، انهيار القطاع الصحي، الخراب المالي والاقتصادي، خطر الإنفجار الأمني، انفجار الرابع من آب، سقوط حكومتين وفشل في تشكيل ثالثة، ضغوط دولية مكثفة.
سنة قاتمة دارت بأيامها ولياليها، الى أن وصلنا اليوم الى إعادة تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة جديدة.
وبحسب التجارب المرة، التكليف لا يعني بالضرورة التأليف، خصوصا أن العملية لم تأت نتاج شهر عسل بين أهل السلطة، بل جاءت إرغامية قيصرية مؤلمة.
فرئيس الجمهورية لا يعتبر الرئيس المكلف أهلا مستحقا، وبالتالي فإن عون لا يرى بأن التزاوج مع الحريري سينتج له حكومة العهد المنشودة، وهو لم يخف نيته بعدم تسهيل مهمته.
الرئيس الحريري يخشى كمائن الثنائي وأفخاخه، كما يخشى سيد العهد وصهره وهو يسلم بأنه لن يتمكن مع هكذا صنف من الشركاء من تأليف الحكومة التي تستوفي الشروط الفرنسية.
الثنائي لا يثق بالحريري وقد اختاره لتقطيع الوقت بانتظار إمرار استحقاق الانتخابات الأميركية بأخف احتكاك مذهبي، وأقل ملامة من الداخل الجائع الثائر، وتلافيا للمزيد من الضغوط الأميركية والفرنسية والدولية، والأهم المزيد من العقوبات.
والشعب الثائر عبر تكرارا عن رفضه لمنظومة السلطة برمتها ورفضه كل ما يتناسل منها، والرئيس المكلف في نظره، هو في صلب السلطة ومن طينتها
هل يمكن أن يأمل اللبنانيون واصدقاء لبنان أن تولد حكومة من هذه المعادلة القائمة على سلبيين و سلبيات ؟ وقبل ترف الحلم بحكومة، هل ستسمح السلطة الكامنة لبعضها البعض بتشكيل حكومة ؟ للاجابة عن هذا، نستقي من ثلاثي السلطة.
الرئيس بري ضخ جرعة تفاؤل ، إذ تحدث من بعبدا عن جو تفاؤلي مستجد بين الرئيسين عون والحريري، لكن الرئيس الحريري نسف بطريقة غير مباشرة ما قاله بري عندما أصر في كلمته بعد التكليف على حكومة أخصائيين محايدين. فيما عون والتيار والثنائي يصرون على حكومة تكنوسياسية.
وسط هذا التناقض يراهن المتمسكون بخيوط الأمل، على مفاجأة إيجابية قد تطرأ و تسهل عملية التأليف، مصدرها ثلاثة عوامل: الأوضاع الاقتصادية المهترئة، الضغوط الدولية على الرئيس عون لإنقاذ عهده عبر إنقاذ لبنان، وعلى براغماتية إيرانية قد تدفع طهران الى تسهيل التشكيل.
أما عن ولادة الحكومة، هل تتم قبل الانتخابات الأميركية أم ستكون هدية الأعياد؟ فيجيب الخبراء: إما أن تتشكل الحكومة الآن أم ننصح باستبدال الهدية بإكليل على قبر لبنان.
وسط هذه الضبابية، تتابع الدوائر الدولية ورشة قطاعية نشطة لكن صامتة، إن أكملت مسارها فإنها ستؤمن الحلقة التي تفتقدها الثورة، إذ ستؤسس لمشروع صلب قابل للحياة، يعيد تكوين السلطة بمشاريعها ورجالها.