الطبخة الحكومية: هبة باردة وهبة ساخنة. فبعد التعقيدات والمواقف الساخنة التي ميزت اليومين الفائتين، أخذت الامور اليوم منحى مختلفا.
المرونة كانت سيدة الموقف في ساحة النجمة، صوتا وصورة. في الصورة اجتمع النائب جبران باسيل برئيس الحكومة المكلف بعد قطيعة طويلة، فانكسر جبل الجليد القائم بين الرجلين، ما يمهد لخطوات لاحقة. في الصوت: الايجابية سيطرت على معظم التصريحات والكلمات.
التفاؤل شكل قاسما مشتركا عند معظم الكتل النيايبة والمستقلين، اما القلة التي تشاءمت او شككت، فبدت كأنها تغني خارج سرب المنظومة الحاكمة. فهل ما يحصل هو مقدمة لا بد منها لتسوية جديدة بين اركان هذه المنظومة؟ الظاهر ان الامور تسير في هذا الاتجاه، في ظل غياب شبه تام لقوى الانتفاضة والثورة عن المشهد السياسي، وهو ما يمنح قوى السلطة شيكا على بياض ليعودوا الى تسوياتهم وتركيباتهم السابقة.
لكن هل بالتسويات يعاد المال المسروق والمهرب؟ وهل بالتركيبات يحاكم السارقون ويحاسب المرتكبون؟ والاهم: هل القوى السياسية التي اوصلت البلد الى الانهيار والافلاس هي القوى المخولة تحقيق المحاسبة والاصلاح؟ وبالتالي هل ينقلب المثل المعروف ليصبح: حراميها حاميها؟
حكومة اختصاصيين، حكومة تكنوسياسية، حكومة مستقلين، حكومة بصلاحيات استثنائي، حكومة قادرة ومتجانسة.
تصنيفات وتوصيفات مختلفة أخذت شكل مطالب، قدمتها الكتل السياسية الى الحريري، في الاستشارات النيابية غير الملزمة. فماذا سيفعل الرئيس الحريري بها وكيف سيتصرف؟ هل هو قادر على تنفيذ المطالب كلها، بخاصة وأن بعضها متضارب؟
الاجابة رهن الايام المقبلة، علما ان الرئيس الحريري بات مسلحا بموقف اميركي لافت.
فمساعد وزير الخارجية الاميركي دايفيد شنكر اعلن ان الولايات المتحدة لا تكترث لمن هو رئيس الحكومة ولا لمن تضم. همها – أضاف شينكر – ان تحقق الحكومة العتيدة الاصلاحات وان تحارب الفساد، فاذا احسنت ستسلك المساعدات طريقها الى بيروت.
الموقف الاميركي غير المسبوق، يدل على مرونة لافتة في التعاطي مع الحريري، ويؤكد الا مواقف مسبقة للادارة الاميركية من اي تشكيلة حكومية، اذا لم يكن وجود حزب الله فاقعا وواضحا فيها. فهل تعني كل هذه الوقائع ان التشكيلة الحكومية المنتظرة سترى النور قريبا، أي في غضون اسابيع وليس في غضون اشهر؟.
اشارة الى ان التهدئة الاميركية حكوميا، تتزامن مع تصعيد اميركي ضد حزب الله وايران، تمثل بعقوبات جديدة وبدعوة وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو العالم الى تصنيف حزب الله منظمة ارهابية. فهل يعقد الضغط الاميركي على حزب الله وايران ولادة حكومة المهمة ام يعجل في ولادتها ولو بعملية قيصرية؟