لقاءان في يومين. فاليوم أيضا التقى الرئيس ميشال عون رئيس الحكومة المكلف في بعبدا، ما يؤشر إلى أن “طبخة” الحكومة وضعت على نار حامية. الواضح من المعلومات التي سربت من اللقاءين أن الايجابية تسيطر، وأن اللين والمرونة سيدا الموقف في نهاية الأسبوع بعد المواقف المتشددة المتشنجة التي اتخذت في خلاله. فرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف اتفقا على ألا يختلفا، وعلى أن يبقيا خط التواصل بينهما مفتوحا بشكل دائم، باعتبار أن الوضع الاقتصادي المتدهور يفرض تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، وذلك بغية وضع حلول وتنفيذها لإراحة الناس وتخليص البلد من أزمته. لذلك كان اللقاء بينهما اليوم إيجابيا، وحقق تقدما في ملف تشكيل الحكومة الجديدة.
في المقابل، يتأكد يوما بعد يوم أن الدينامية الإقليمية والدولية التي حققت عملية التكليف، يمكن أن تؤدي إلى تخطي عتبة التأليف. فإيران لا تمانع في تشكيل حكومة طالما تؤمن مصالح “حزب الله”. فرنسا تريد حكومة، كذلك روسيا. أما الولايات المتحدة الأميركية فمنصرفة إلى انتخاباتها الرئاسية، وبالتالي يمكن تمرير تشكيل الحكومة في الوقت الضائع أميركيا.
من هنا يفهم سبب استعجال الحريري لتشكيل حكومته، حتى وصل الأمر بالبعض إلى عدم استبعاد تشكيل الحكومة قبل الانتخابات الأميركية، أي في الأسبوع الطالع.
المقاربة المتفائلة هذه لا تعني بتاتا أن العقد الأساسية ذللت، وأن تشكيل الحكومة سيكون بمثابة نزهة مريحة للرئيس المكلف. ثمة إشكاليات كثيرة ينبغي على الحريري إيجاد حلول لها. فهناك أولا مبدأ المداورة، إذ كيف يمكن أن يطبقه على غير الثنائي الشيعي بعدما قبل باحتفاظ الثنائي المذكور بوزارة المال؟، أي هل سيكون هناك صيف وشتاء تحت سقف واحد؟، وفي هذا الاطار تحدثت معلومات أن الحل قد يكون بعدم تطبيق مبدأ المداورة على الوزارات السيادية، واقتصار تطبيقه على غير السيادية. فهل هذا الحل منطقي؟.
أكثر من ذلك، كيف سيتم اختيار الوزراء؟. يقال ويتردد أنهم سيكونون من الاختصاصيين غير المنتمين إلى أحزاب. لكن ماذ سيبقى من اختصاصهم ومن لاانتمائهم السياسي إذا اختارتهم القوى السياسية والكتل البرلمانية؟، ففي هذه الحالة ألن يصبحوا مجرد منفذين تقنيين لقرارات تتخذها القوى السياسية خارج مجلس الوزراء؟.
أخيرا لا آخرا: هل حكومة تجمع “حزب الله” وقوى سياسية أخرى، ولو بشكل مستتر، قادرة على الاتفاق على خطة واحدة لمعالجة الوضع الاقتصادي؟. نعلم جيدا أن مقاربة الثنائي الشيعي لكيفية حل الأزمة الاقتصادية لا تلتقي مع مقاربة قوى أخرى، وأن النظرة إلى حلول صندوق النقد ليست واحدة. فكيف بالامكان حل التناقض المذكور؟، وهل المجتمع الدولي سيقدم الدعم المالي لحكومة يعرف جيدا أن “حزب الله” ممثل فيها؟.
إنها أسئلة برسم رئيس الحكومة المكلف وبرسم التأليف. فهل من إجابات عنها أو من حلول لها؟.