عشية انقضاء السنة الرابعة من عهد الرئيس ميشال عون ، اختار السيد الرئيس عدم توجيه كلمة الى اللبنانيين، وهو على حق في ذلك ، لأن لا شيء عنده يقوله عما مضى من سنواته الأربع ، فنتائجها يعيشها الشعب مرا وجوعا وعوزا ومرضا ونقصا في السيادة ، وقد خسر فيها الحاضر والحلم بالغد الأفضل والمدخرات والأولاد وسقف المنزل. ولا شيء عنده يقوله عن السنتين المقبلتين ، لأن الناس فقدت الثقة بالكلام ، علما بأن لا شيء يمنع العهد من إصلاح الكثير من الأضرار في الفترة المتبقية ، إن إرتقى بنفسه من موقع الفريق الذي يريد لنفسه ، الى دور الحكم المترفع الزاهد ، عندها يكتسب دور الرئيس القوي لأنه يكون استرجع للبنان كل عناصر النجاح والقوة .
أما صعود المنحدر فيبدأ بحكومة توحي الثقة بأسماء وزرائها وبرنامجها ، فالتشخيص الدولي والمحلي جاهز والوصفة جاهزة بتفاصيلها منذ أربع سنوات وما على العهد إلا الوفاء بالعهد فيخرجها من تحت أطنان العناد وأثقال المحاصصة .
في سياق تأليف الحكومة وما يرافقه من كلام عن ايجابيات تشوبه ، بات المتابعون يلمسون فرقا يتوسع بين مفهوم العهد والثنائي للإيجابيات، ومفهوم الرئيس الحريري. فالثنائي والعهد يعتبران الإيجابيات أنهما جاءا بالرئيس المكلف الأفضل ، وهما يعملان على إغراقه بفريق يعكس نهجهما، والأخطر، أنه إذا كان العهد يستعجل التأليف صونا لسمعته ، فإن الثنائي يماطل عازيا التأخير الى الاختلافات على الحصص ، فيما هو يسعى الى إبقاء المخاض متواصلا الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية
وينصح المتابعون الرئيس الحريري والعهد رغم اختلاف اجنداتهما الى استيلاد الحكومة قبل الثالث من تشرين الثاني، لأن خسارة ترامب إن حصلت ومجيء بايدن سيدفعان حزب الله ومن ورائه إيران الى الانقلاب على إتفاق الإطار الذي قامت عليه فلسفة تشكيل الحكومة، لأن كل التكتيكات التي دفعت إيران الى المهادنة والتلطيف في لبنان ستسقط لمصلحة سياسة مختلفة ودور مختلف تراهما طهران لنفسها في المنطقة ولبنان.
ولا ننسى في السياق التأثير السلبي للتوتر الإقليمي والسباق المحموم للسيطرة على المتوسط بين قوى الإقليم، وقد بدأنا نلمس ارتداداتها الخطرة على الاستقرار في لبنان، فعلى سبيل المثال، قد لا تظل ردة الفعل من بعض الشارع الإسلامي اللبناني على موقف فرنسا من تطرف بعض المسلمين ، قد لا تظل تحت السيطرة هذا إن لم تدخل عليها عوامل استغلال قد لا يكون في قدرة لبنان السيطرة عليها وضبطها.
في اليوميات ، لبنان يبدو عاجزا عن السيطرة على التوسع المخيف لجائحة الكورونا ، التي لا تهدد صحة الناس و النظام الصحي بل تضرب الاقتصاد وقد بدأت نذور الأذى تظهر جلية في كل الحقول :الاقتصادية والمالية والتربوية والاجتماعية والتي لن ترى اي بارقة حل لها إن لم تولد الحكومة اليوم قبل الغد.