تطور مثير وغير مسبوق في الحياة السياسية اللبنانية. فما كان متوقعا منذ فترة حصل اليوم . الخزانة الأميركية فرضت عقوبات على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل. إنها المرة الأولى التي تستهدف العقوبات الأميركية شخصية من الصف الأول.
فباسيل رئيس حزب كبير وفاعل، ورئيس أكبر تكتل نيابي، وصهر رئيس الجمهورية، وليس مجرد وزير أو نائب. فرض العقوبات إرتكز على قانون “ماغنتسكي” الذي يكافح الفساد.
لذا جاءت التهم خطرة ومركزة ولا تحتمل أي نوع من أنواع التأويل وهي: عدم تأمين الطاقة للبنانيين، إستغلال المناصب الوزارية ، تجسيد الفساد الممنهج، وسوء الإدارة، وتحالف التيار الوطني الحر الذي يرأسه باسيل مع حزب إرهابي هو حزب الله.
كلها تهم خطرة، وأخطر ما فيها أنها ارتكزت على قانون “ماغنتسكي”، وهو قانون يطبق للمرة الأولى في لبنان، وأقسى بكثير ومن نواح عدة من قانون “أوفاك” الذي طبق على “علي حسن خليل” “ويوسف فنيانوس”. وأخطر ما في قانون “ماغنتسكي” أن أي رئيس مقبل للولايات المتحدة الأميركية لا يستطيع أن يلغي أحكامه بأي شكل من الأشكال.
اي ان ما كتب قد كتب، وأميركا وجهت ضربة قوية لباسيل، بحيث بات مستقبله السياسي مهددا وعلى المحك. علما أن معلومات العاصمة الأميركية والتصريحات الصادرة هناك من كبار المسؤولين تؤكد أن جبران باسيل لن يبقى وحيدا، وأن السبحة ستكر لتشمل زعماء آخرين وشخصيات من الصف الأول، ما يعني أن الوضع السياسي اللبناني برمته معرض لمفاجآت كبرى ولهزات وزلازل قوية. فهل انفتحت أمامنا أبواب جهنم التي تحدث عنها الرئيس ميشال عون؟
التطور غير المفاجىء والصادم في آن خفف الى حد كبير مفاعيل الزيارة المنتظرة للرئيس سعد الحريري الى قصر بعبدا اليوم.
وفي حين لم ترشح معلومات كثيرة عن الزيارة، فان القراءة السياسية تفضي الى التأكيد ان فرض العقوبات على باسيل سيعقد الولادة الحكومية اكثر فأكثر. فالتيار ومعه الرئيس عون سيتصلبان اكثر في المواقف، وسيصطف الى جانبهما حزب الله بقوة، باعتبار ان العقوبات التي طالت باسيل سببها الاساسي، اضافة الى الفساد، وقوفه الى جانب حزب الله.
فهل تسقط محاولة سعد الحريري تشكيل حكومة ضحية العقوبات على باسيل، تماما كما سقطت محاولة مصطفى اديب تشكيل حكومة ضحية العقوبات على علي حسن خليل ويوسف فنيانوس؟ وهل وجهت الادارة الاميركية في ما فعلته اليوم الضربة القاضية الى المبادرة الفرنسية؟ توازيا، اميركا المنشغلة بقضايا العالم ومنها لبنان ، لا تزال تتخبط في انتخاباتها الرئاسية. فبعد مرور ثلاثة ايام كاملة على اقفال صناديق الاقتراع, النتائج للولايات الحاسمة لم تصدر بعد.
صحيح ان التقدم بات شبه محسوم لبايدن، لكن لا شيء رسميا ونهائيا حتى الان. علما ان اعلان النتائج لن ينهي ازمة الانتخابات بل سيفتح صفحة جديدة فيها، باعتبار ان كل المعلومات تتقاطع عند التأكيد ان ترامب لا ينوي الاعتراف بالهزيمة في الانتخابات.
فعلام يتكل ترامب في تصعيده؟ وهل هو قادر على المواجهة ؟ والى اي حد سييبقى مؤيدوه معه وخصوصا ان ما ينادي به يمكن ان يعرض استقرار اميركا للاهتزاز. وهل الاميركيون سيجارون رئيسهم الحالي في محاولته تجاوز الخط الاحمر؟