Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”mtv” المسائية ليوم الأربعاء في 11/11/2020

لبنان عالق بين ثلاث معضلات قاتلة كلها من الصنف الإرادي. المعضلة الأولى، أن المنظومة الحاكمة ترفض تشكيل حكومة المهمة التي يطالب بها الشعب ويدفع من أجلها أصدقاء لبنان . وبلغ مسار التعطيل حدا تأكد للمعنيين بالشأن اللبناني بأن إبقاء البلاد من دون حكومة هو هدف قائم بذاته ، يشبه للبعض في الداخل أنه يخدم مصالحه الآنية ، لكن الأكيد أن تجميد الواقع اللبناني لن يفيده مطلقا ، بل سيطيحه وسيسقط معه الدولة والجمهورية ، فيما المستفيد منه قوتان إقليميتان : إيران وإسرائيل وإن اختلفت الغايات.

لعل قناعة راسخة بصحة هذا المعطى ، هي التي دفعت الرئيس الفرنسي إلى إيفاد مبعوثه “باتريك دوريل” إلى لبنان ، ليس لإطلاق خطة جديدة أو لقناعة منه بالمزيد من لبننة الحل ، إنما أوفده لإبلاغ الطبقة الحاكمة بأن زيارته التي تحظى بموافقة أميركية ، وضعت تحت عنوان : ” إما أن تشكلوا حكومة لبنان ، لا حكومة أهوائكم ، أم أنكم تكونون أدخلتم الدولة رسميا نادي الصوملة والعزل”.

وليس أدل على صحة هذا السيناريو سوى التلميح الفرنسي الصريح بأن مؤتمر دعم لبنان آخر الشهر سيتحول إلى مؤتمر إنساني لا اقتصادي ، إن ظل لبنان من دون حكومة ، وسيتم تحويل المساعدات التي سيقرها إلى المؤسسات الإنسانية غير الحكومية ، لا الحكومة القائمة
المعضلة الإرادية الثانية التي يرتمي لبنان بين براثنها ، هي التوجه الى بشار الأسد تحت عنوان فضفاض هو إعادة النازحين السوريين ، بينما السلطة اللبنانية تعرف جيدا أن الأسد لا يريد إعادة نازحيه ، وجل ما يريده هو استدراج لبنان بالعملي الى الاعتراف بشرعيته من دون غطاء أو دعم أو حد أدنى من ضمانات العودة .

فالحجج التي يسوقها بشار لمنع مواطنيه من العودة لا تقنع إلا اصدقاءه في لبنان ، وهي شروط اصعب من تلك التي تضعها اسرائيل لمنع الفلسطينيين من العودة الى أرضهم ودولتهم ، وإن كنا لا نستغرب تصلب إسرائيل في ملفي الفلسطينيين أو في مفاوضات ترسيم الحدود، لأنها بالنهاية قوة غصب و احتلال .
المعضلة الثالثة والمركبة هي الخلطة القاتلة التي نشأت من التزاوج المرضي بين الأزمات الاقتصادية- المالية المزمنة وفيروس الكورونا ، وغني عن القول أن هذه الأزمات على فداحتها، إلا ان سوء أداء السلطة في معالجتها، أو في الحقيقة تركها من دون علاج ، أوصلانا الى ما نحن فيه من كارثة أطاحت لبنان وشعبه أو كادت.
علما بأن ما سبق وذكرناه في المقدمة يوصف الأسباب والمسببين، ويبين أن المصائب ليست ناجمة عن قوة قاهرة ، بل عن قهر القوى العاقلة والخبراء ومنعها من الوصول الى غرف العناية الوطنية . من هنا لم يتبق أمامنا من علاجات للاقتصاد، سوى الاستيلاء على ثروات الناس وضرب أبواب أرزاقهم ، وللكورونا، لا علاج سوى إقفال البلاد بعدما أقفلت المستشفيات وضاقت أسرتها واختفى الدواء.