Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”mtv” المسائية ليوم السبت في 21/11/2020

عشية الثاني والعشرين من تشرين الثاني، ونكتفي بالتاريخ للإشارة والإيحاء إلى مناسبة ما عدنا نستحقها ولا عادت تنطبق على واقعنا، إسمها الإستقلال.

أما لماذا نتحدث بحرقة عن ذكرى وليس عن عيد، ولماذا خسرنا الأغلى؟، لأن المنظومة السياسية المتحكمة بمصير لبنان عملت وتعمل ليل نهار ومنذ سنوات، على تفريغ الدولة من كل مقوماتها السيادية والإدارية والمالية والإقتصادية والدستورية، وقد أجرت الأولى، أي السيادة B.O.T مع ميزة عدم الإسترداد، وتوزعت المكتسبات الباقية على العائلة والإبناء والأصهار، تحت مسمى تحقيق المكاسب والإمتيازات للطوائف والمذاهب. فكان أن ربح أفراد متحالفون مافيويا وافتقرت الطوائف، وجمع الجوع الناس الذين فرقهم الزعماء.

وبما أن لبنان مكون من موزاييك متعدد الطوائف، وجدت الدولة نفسها على الحضيض، سلعة بخسة على رصيف الأمم، ومسطح من الأرض يتدافع معظم أبنائها لمغادرتها إلى ديار الله الواسعة.

ما عاد استقلالا، لأن ليس هذا اللبنان الذي استشهد من أجله الأبطال، ليس لبنان هذا ما حلم به الآباء المؤسسون، لا يوم إعلان لبنان الكبير، ولا في الإستقلال الأول ولا في الإستقلال الثاني، ولا في ما سبق هذه التواريخ المجيدة وما تخللها وما تلاها من نضالات ودماء ودموع ونجاحات وإخفاقات، وليس آخر المحطات ثورة السابع عشر من تشرين.

هل هذه الصورة السوداء قدر لا فكاك منه، ولعنة لا يمكن الانتصار عليها وعلى منظومتها الفاسدة التي أوصلتنا الى ما نحن فيه؟ طبعا لا، وهنا نتوجه الى رئيس الجمهورية الذي يتوجه الى اللبنانيين بعد دقائق من الآن، السيد الرئيس إذا كانت الثورة فشلت في فرض التغيير فهذا يجب الا يكون مدعاة ارتياح للطبقة السياسية، والدليل أن المجاعة والكوارث وانهيار الدولة هي البديل من التغيير المحق الذي يطالب به الناس.

إنس الخطاب المكتوب، فكلمة واحدة مرتجلة تصب في ما يطالب به اللبنانيون والدول الصديقة كافية لإحداث التغيير، إتل فعل الإيمان بلبنان فيحيا الوطن العليل وترتاح النفوس الضائعة الهائمة بحثا عن أوطان في الأوطان الغريبة. باختصار، قل لنا إنك ستشكل حكومة المهمة من إختصاصيين غير حزبيين، ببرنامج إصلاح ماكرون، إمنع الفاريز ومارسال من الرحيل، واحمل راية محاربة الفساد.”شفت مش صعبة”! يكفي أن نمحو أنفسنا أمام مصلحة الوطن.

في انتظار أن نسمع هذه المواقف، لبنان الغاطس في الموت والمرض والجوع والمهازل والمساخر، فاجأ نفسه اليوم بحدث ينتمي الى فئة العجيب غير المالوف، أقله لجهة حجمه: هروب جماعي من نظارة قصر عدل بعبدا، تجاوز بمشهديته مسلسل Prison break أو فيلم “الفرار من الكاتراز”، تسعة وستون موقوفا تمكنوا من الفرار من النظارة صباحا في عملية هروب كبرى لم نشهد مثيلا لها في الحرب اللبنانية.

وهنا نفتح هلالين للتحذير والإشارة الى أن تقصيرا أكيدا أو تواطؤا حصل، لكن السبب الأكيد لما جرى يعود الى الأسباب الآتية: إكتظاظ النظارة وكل النظارات التي لا تتوفر فيها شروط الحماية كما في السجون العادية، بطء العدالة في إنهاء الملفات وعدم التمييز السريع من قبل القضاة على سبيل المثال، بين متعاطي المخدرات والتاجر، فبدلا من إطلاق الأول وحسم ملف الثاني سريعا يتم زجه في النظارات، ما يتسبب بما حصل اليوم، حيث خسر موقوفون هاربون حياتهم، فيما كان يمكن أن يحكموا بأقل من مدة توقيفهم الاحتياطي.أما آن الأوان لوضع حد لهذه المآسي؟.