يقول المثل: عند تغيير الدول احفظ رأسك.
وفي الحالة اللبنانية اليوم, يمكن تحوير المثل ليصبح: عند تغيير العهدين احفظ دولتك.
العهدان المقصودان هما عهد دونالد ترامب وعهد جو بايدن. فالفترة الفاصلة من الان والى تسلم بايدن مقاليد الرئاسة في الولايات المتحدة قد تكون من اكثر الفترات دقة في تاريخ لبنان.
ترامب يريد ان ينهي عهده بقرارات ووقائع تلزم بايدن وفريق عمله، بحيث لا يمكنهما التملص منها أو تجاوزها في السنوات الاربع المقبلة.
والوضع في الشرق الاوسط والملف الايراني هما في طليعة اهتمامات ادارة ترامب.
لذا من غير المستبعد ان يتواصل الضغط الاميركي على لبنان. كما وان موقف ايران ومن يدور في فلكها لن يتغير مبدئيا، لأن طهران تراهن على عامل الوقت وعلى وصول بايدن.
وعليه، فان لا حكومة في المدى المنظور على الاقل. وهو ما يبرر انكفاء الحريري حكوميا، واستنكافه عن زيارة بعبدا ليقدم لرئيس الجمهورية مسودة تشكيلة حكومية. وهو ما يفسر ايضا حديث رئيس الجمهورية بالامس عن ضرورة تفعيل حكومة تصريف الاعمال.
فبحسب اركان الحكم، الوقت الان ليس مناسبا لتشكيل حكومة، بل لمواجهة حالة الفوضى الاتية، والتي لا يدرك أحد شكلها ومداها ونتائجها.
المقاربة الاقليمية والدولية لا تلغي المسؤولية المحلية. اذ من الواضح ان المسؤولين، على اختلاف مستوياتهم، فقدوا اي حس بالمسؤولية، هذا اذا كانوا اساسا يملكون اي احساس! وهو ما اشار اليه وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط في ختام زيارته لبنان، عندما دعا القادة اللبنانيين الى التحرك سريعا لانقاذ البلد من كارثة اقتصادية شاملة ومحققة.
لكن كيف يأتي الانقاذ ممن هم مصدر العلة واساس المشكلة؟ وهل يرجى الاصلاح ممن امتهنوا لسنوات طويلة نهب خيرات البلد وعقد الصفقات المشبوهة والتفنن بانواع اللصوصية؟ في هذه الاجواء، ينعقد الاثنين المقبل اجتماع في السرايا الحكومي للبحث في ملف رفع الدعم، والاقتراحات العملية التي يمكن تطبيقها.
فلماذا تخلت حكومة تصريف الاعمال أخيراعن انكفائها وقررت ان تبحث في الملف الاكثر سخونة؟ هل اقتنعت أخيرا ان الاوضاع اللبنانية المهترئة لم تعد تسمح بالغنج والدلع؟ وهل سينتهي التجاذب اخيرا بين دياب وحكومته من جهة ومجلس النواب من جهة أخرى؟ اجتماع الاثنين هو المحك. فلننتظر.