في لبنان حركة … لكن البركة مؤجلة. هكذا يمكن اختصار الوضع بشقيه: الاقتصادي بترشيد الدعم، والسياسي بتشكيل الحكومة. على الصعيد الاقتصادي اجتماعات وورش عمل في السرايا الحكومي ذكرت بالاجتماعات الماراتونية التي كانت تنعقد أيام عز حكومة حسان دياب. وما حصل مع حكومة دياب قبل استقالتها يتكرر اليوم. فالكلام كثير اما الفعل فقليل. اي ان الطابع التنظيري يطغى بقوة على اجواء السراي.
الوزراء المجتمعون مع رئيسهم لن يصدروا قرارات بل مجرد توصيات ترفع الى مجلس النواب. السبب الظاهر المعلن : ان دياب لا يريد مخالفة الدستور واعادة احياء حكومة تصريف الاعمال. لكن الحقيقة العميقة في مكان آخر. فدياب يدرك ان اي رفع او ترشيد للدعم سيلهب الشارع ، وسيحرك الانتفاضة الكامنة في النفوس والعقول. لذلك يوحي انه يقوم بواجبه ، وهو سيكتفي برفع توصيات الى مجلس النواب ، اي انه سينقل كرة النار الى ساحة النجمة . فماذا سيفعل النواب عندها؟ هل يتجرعون الكأس المرة ويتحملون خسارة المزيد من شعبيتهم؟ وهل يمكنهم استيعاب غضب الشارع ، الغاضب اصلا عليهم وعلى ادائهم؟
سياسيا ، الأنظار متجهة الى اجتماع بعبدا غدا بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف. في المبدأ عقد كثيرة حلت في اجتماع الاثنين ، لكن بقيت عقدة واحدة. من العقد التي حلت: مبدأ المداورة ، اذ ان المبدأ سقط نهائيا انطلاقا من اصرار الثنائي الشيعي على وزارة المالية. عقدة ثانية حلت تتعلق بالعدد ، اذ تم التسليم بأن تتشكل الحكومة من ثمانية عشر وزيرا . العقدة الثالثة التي حلت هي عقدة تسمية الوزراء المسيحيين . فالرئيس الحريري قبل بأن يسمي الرئيس عون وفريقه السياسي ستة وزراء مسيحيين على ان يسمي هو السابع ويكون الثامن من حصة تيار المردة والتاسع من حصة الحزب السوري القومي الاجتماعي. وهنا بالذات تتجلى العقدة الباقية. فالرئيس عون والوزير جبران باسيل يريدان سبعة وزراء لا ستة وهو ما يرفضه حتى الان الرئيس الحريري. فهل يستمر الحريري في رفضه غدا ، ام تحل العقدة المحلية الاخيرة على طريق ولادة الحكومة؟ بعض المعلومات تشير الى ان الحلحلة غير مستبعدة وان العقبة الحكومية الباقية قد تكون على طريق الحل , وقد عززتها ضمانات فرنسية . فهل تتأكد الحلحلة عدا، ام تنهار.. فينهار معها الامل بحكومة المهمة الصعبة ، بل حتى شبه المستحيلة؟