مقدمة اليوم يمكن وصفه بيوم القضاء العادل ، القضاء الرافعة لمداميك الوطن المنهارة . وإذ لا يمكن الادعاء بعد بأن معركة القضاء على الفساد قد بدأت عمليا، والنصر فيها بات قاب قوسين من أن ترتفع بيارقه .
الا أن ما شهده اللبنانيون والعالم من إدعاءات على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وثلاثة من الوزراء السابقين واحد الأمنيين الكبار في قضية انفجار المرفأ ، وعلى قائد سابق للجيش ورؤساء أجهزة أمنية في قضايا إثراء غير مشروع، إضافة الى حاكم مصرف لبنان في قضية الدولار المدعوم .
ما شهده هؤلاء يؤكد الى أن القضاء بدأ يلاقي الناس المطالبين برفع الظلامات عنهم في جرائم كبيرة تراوحت بين القتل والجرح والإعاقة والتهجير وخسارة المنازل والأرزاق وصولا الى خسارة جنى العمر وفلوس الأرامل والمدخرات. كما تؤكد هذه الصحوة أن القضاء قادر وله أنياب وأظافر ومطارق إن أراد أن يستخدمها فلا أحد يمكنه ردعه .
وإذا كان من ملاحظة على التحرك القضائي فهو اقتصار الاستدعاءات و الإدعاءات على هؤلاء السياسيين والأمنيين فقط ، فيما لائحة المختلسين وأولئك الذين كانوا على علم مسبق بالنيترات ومخاطره هي اكبر وأطول وتتضمن رؤوسا كبيرة . والمأمول ألا يترك القضاء أي ثغرات تتسرب عبرها الشكوك في نزاهة تحقيقه وشموليته، خصوصا الشكوك الطائفية منها ، وقد بدأت الأصوات ترتفع في أروقة بعض المرجعيات اعتراضا على ما تراه استهدافا لها من قبل العهد بواسطة عدالة انتقائية بعين واحدة
ولا ننسى والورشة القضائية تتحرك والعالم ولبنان يحتفلان باليوم العالمي لحقوق الانسان ، أن على القضاء أن يعيد لبنان الى مصاف الدول التي تحترم الحريات الأساسية ، هو الذي شارك في وضع شرعة حقوق الانسان ممثلا بكبيره شارل مالك ، هذا اللبنان يلاحق فيه الانسان العادي والناشط السياسي، والصحافي على أيدي أهل المنظومة ، لمجرد رأي أو مقال او تغريدة لا تـعجب الحاكم .
في السياسة، اليوم يمكن وصفـه بأنه يوم القضاء على الأمل بولادة حكومة المهمة،أقله في الزمن المنظور المتبقي قبل وصول الرئيس الفرنسي الى لبنان . فالصراع المكتوم بين الرئيس عون والرئيس الحريري ، والذي تفجر تراشقا بينهما بتشكيلتين حكوميتين متناقضتين ، تجاوز في حجمه الاختلاف البسيط القابل للتصحيح والقابل للتسوية , وتطور من تعارض عميق حول شكل الحكومة العتيدة وعدد وزرائها وتوزيعة حقائبها ، الى سجال دستوري بتلوين طائفي .
والأمر بات يتطلب أكثر من مفسر نزيه وأكثر من وسيط غير متوفـرين. ومن أين الوسيط، ورئيس الجمهورية على خلاف مع رئيس المجلس النيابي ، فيما أكد الاشتباك بين عون والحريري أن حزب الله فريق منحاز الى رئيس الجمهورية وصاحب مصلحة داخلية آنية في الاشتباك، وصاحب مصلحة اقليمية دائمة في منع الرئيس الحريري ومن ورائه فرنسا والعالم، من تشكيل حكومة الاختصاصيين غير الحزبيين، وهو لم يتأخر في التعبير عن موقفه هذا عبر إعلامه وعبر كتلته النيابية. كل هذا والشعب يجوع وفرص الخلاص تتطاير وتتلاشى.