لا حكومة في المدى المنظور، ومساعي التشكيل مؤجلة الى ما بعد رأس السنة على الأقل. الأسباب كثيرة أبرزها إثنان ظاهران: السبب الأول سياسي، إذ أن المساعي والوساطات لتقريب وجهات النظر بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف سقطت بالضربة القاضية. لا عون تخلى عن رؤيته لكيفية تأليف الحكومة وعن المعايير التي وضعها، ولا الحريري ارتضى التنازل عن آلية واسلوب أدار بهما عملية التأليف. السبب الثاني لتعليق التشكيل، أن الحريري سيسافر في الساعات القليلة المقبلة لتمضية إجازة العيد مع عائلته، ما يجعل التأليف في إجازة أيضا، ويضعه في ثلاجة الإنتظار الى العام 2021.
توازيا، اللبنانيون يئنون من الوجع، ولا يملكون ترف الإنتظار. فالوضع الأمني على كف عفريت، والجوع دق الأبواب ودخل البيوت بلا استئذان، والكورونا تتمدد في ظل عدم وجود قرار واحد لكيفية مواجهتها، فيما وزير الصحة يعد اللبنانيين بأن اللقاح سيصل الى لبنان بعد أسابيع. لكن ألسنا في حاجة قبل ذلك الى لقاح ضد جائحة أخطر، هي جائحة تعطيل تشكيل الحكومة وتعطيل البلد؟.
ومسألة الكورونا لا تقل تعقيدا عن مسألة تشكيل الحكومة. فالسلطات اللبنانية التي عجزت عن مواجهة السلالة القديمة للكورونا، كيف يمكنها مواجهة السلالة الجديدة؟، الواضح أن السلالة الجديدة تنتشر بسرعة وبكثافة أكبر. في السلالة القديمة كان كل مصاب يمكنه أن ينقل العدوى الى شخصين او ثلاثة، أما في الجديدة فإن المصاب يمكنه أن ينقل الكورونا الى ثمانية او عشرة اشخاص.
كما تؤكد احصاءات بريطانية حديثة أن نسبة انتشار السلالة الجديدة تزيد 56 في المئة على نسبة انتشار القديمة. مع ذلك فإن اللجنة الوزارية المختصة لم تجتمع حتى الان، ولم تتخذ قرارا بإيقاف الرحلات الى لندن ومنها، علما أن المطالبين بالامر كثر وفي مقدمهم رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي. فلماذا تتأخر اللجنة الوزارية في اتخاذ القرار الجذري الملائم؟، وهل تحتمل جائحة كورونا اخذ إجازة في العيد؟.
على أي حال، لبنان يسجل نجاحا في مجال آخر، فهو يتحول شيئا فشيئا رمزا لتصنيع وتصدير حبوب الكباتاغون. السلطات الإيطالية قامت بتلف 84 مليون حبة من الكبتاغون، فيما وكالة نوفا الإيطالية وال “بي بي سي” وجهتا أصابع الإتهام الى “حزب الله”، واعتبرتا أنه ضالع في العملية. فهل المقاومة والممانعة تقتضيان أيضا تصنيع الكبتاغون، وتصديره الى بلدان العالم؟.