الحريري غادر إلى الخارج للأعياد، شركاؤه الألداء في السلطة أقفلوا شبابيكهم المطلة على الشأن العام وانصرفوا مع عائلاتهم إلى تمزيق غلافات هدايا الميلاد وعيونهم على احتفالات رأس السنة. هم في الحقيقة لم يكونوا في حاجة إلى عطلتي العيدين للتعطيل، لكن الأعياد منحتهم العذر القانوني لإدارة ظهورهم لمآسي مواطنيهم. ولا يحسبن أحد أنهم سيستغلون العطلة لإيجاد الحلول المناسبة للخروج من الأزمة الحكومية، لا، ليس هذا هو حالهم وهمهم.
أيها اللبنانيون، يجب أن تعرفوا بأن الشأن الحكومي صار تفصيلا وجرى إسقاطه إلى الدرجة الدنيا من الاهتمامات، لأن لبنان المخطوف يساق الآن في اللحظة الإقليمية الملتبسة إلى مفترق الخيارات الخطرة. قانون الإنتخاب يؤمن صحة التمثيل، فيجب تغييره، الطائف يؤمن الحد الأدنى من الشراكة بين المكونات، يجب تغييره رغم أنه لم يطبق، هناك ممانعة سيادية يجب إسكاتها. هناك توجهات جديدة تغلب الديموغرافيا والسلاح على الديموقراطية والمؤسسات وتداول السلطة، يجب تشريعها بما يمنح الأقوى وضع الوصي على باقي الموزاييك اللبناني.
إن المنحى الذي تدار به البلاد بالقوة يحتم إمرار كل هذه التبديلات قبل أن نصل الى تشكيل حكومة، بحيث تأتي الحكومة لتترجم التوجهات الجديدة، وإلا لا حكومة ولا دولة. قد يعتقد البعض مخطئا أن الانقلاب بدأ بالأمس، لا، لقد بدأ باغتيال الحال السيادية من خلال اغتيال السيادة والسياديين بدءا من العام 2000. واليوم، وفقط للتذكير، يحيي العديد من اللبنانيين الذكرى السابعة لاغتيال محمد شطح الرجل الذي آمن بلبنان القيم والرسالة والحياد ودفع الثمن. ويهددوننا بعد، وكأننا سذج، بموجة اغتيالات جديدة، لكن أيهما أخطر اغتيال الأفراد، على قساوته، أم الاغتيال الشامل للبنان، دولة وشعبا ومؤسسات واقتصادا ومالا وعدالة ونموذج حياة كما هو حاصل الآن؟
في الانتظار لبنان المنهار المترنح أمنيا شهد شبه مجزرة مدانة دارت رحاها في بحنين الشمالية وأحرق خلالها مخيم للنازحين السوريين، حادثة مدانة كائنا من كان البادئ.
توازيا، سجال رسمي بيزنطي حول كيفية ضبط كورونا: نقفل البلاد بعد الأعياد أم نتركها مفتوحة؟ وفيما بدأت دول العالم تحصن شعوبها باللقاح الجديد، وقع المعنيون عندنا مع شركة فايزر، وعلينا أن نختبئ من الفيروس الى آذار على أمل وصول اللقاح الذي لن يستفيد منه أكثر من 20% من اللبنانيين، أبشروا.