لا تكف المنظومة عن تعقيد عملية التشكيل وتعميق الهوة بين المؤسسات، سعيا منها الى تطيير الاستحقاقين الانتخابي والرئاسي، بحسب بعض التقارير والمشاهدات الحسية، ولو كلف الأمر سقوط لبنان وخراب الدولة. وقد جدد الأقوياء في الدولة و المستقوون عليها عهودهم والمواثيق والتفاهمات من أجل تحقيق هذه الغاية. وفي مواجهة الانقلاب الموصوف والمكشوف، تقف القوى اللبنانية الحية، يتقدمها البطريرك الراعي مدعوما من الفاتيكان وفرنسا ومجموعة الدول التي تتقاطع مصالحها وليس عواطفها، مع بقاء لبنان دولة سيدة حرة يحكمها رجال ونساء صالحون، لا تضر بشعبها ولا تشكل خطرا على محيطها. هذه الصورة الخارجة من العتمة، ستبدأ بالتظهر مع مطلع العام الجديد، في مواقف محلية ودولية وأممية ستفهم المنظومة بأن زمن إعطائها الفرص للتصحيح الذاتي قد انتهى، و بأن الذئاب لا تؤتمن على النعاج ، ولبنان ليس متروكا لخاطفيه. و ترجمة هذا، أنه سيكون للبنان حكومة مهمة وسيسلك درب التعافي و النهوض
يكتسب هذا السيناريو صدقيته وحتمية تطبيقه، من المشهد المزري الذي وصلت اليه البلاد ولا مبالاة الطبقة السياسية. فرغم الخراب الاقتصادي والمالي والصحي والأمني والقضائي، نرى اليوم وعلى مشارف نهاية العام المأسوي الكارثي، كيف يتصرف أهل الحكم بخفة مطلقة مع القضايا الأكثر إلحاحا. فإلى امتناعهم عن تشكيل الحكومة ، وهم يعلمون أنه من دون حكومة لا قيامة ولا مساعدات، يمتنع رئيس حكومة تصريف الأعمال عن عقد جلسة لمجلس الوزراء، ويتباكى على أن الطغمة صورته وكأنه فاسد وهو غير فاسد . لكنه في الوقت نفسه يتعاقد مع المنظومة على الاستخفاف بالمحقق العدلي في مسألة بركان المرفأ ويسعى الى كف يده عن الملف.
لكن، وانطلاقا من السيناريو الانقاذي الذي أتينا على ذكره سابقا، فاجأهم صوان بعدم تنحيه طوعا عن القضية ورفضه تسليم مجلس النواب التحقيقات متحصنا بسرية التحقيق واستمراريته في مهمته كمحقق عدلي. وما لم يقله صوان للسلطة جهارا قاله لها مداورة: تجرأي واسحبي من يدي الملف وتحملي مسؤولية فعلتك أمام اللبنانيين والعالم.