IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار ”MTV” المسائية ليوم الإثنين في 2021/01/04

التردد والضياع والخلافات بين السلطات الصحية والسياسية والأمنية كانت في أساس الانتشار المفجع والمفزع لفيروس كورونا . وها نحن بعد أشهر طويلة ومتعبة موشاة بالأحزان وفقدان الأحبة وخراب القطاعات الصحية والاقتصادية والمالية ، لا تزال الحكومة ولجنة الكورونا تقاربان كل عملية إقفال للبلاد بصراعات وخلافات وحسابات اقل ما يقال فيها إنها غير صحية وغير إنسانية كي لا نصفها بغير الأخلاقية .

وهذا المسار شجع الشعب ، ومعظمه يغرق في الفوضى وقلة المسؤولية، على أن يسلك التلم الأعوج الذي شقته دولته الكبيرة ، فيبتدع طرق علاجه ويتمرد على الإقفال ويجتاح المستشفيات الحبلى بالمصابين حتى الاختناق .

إذا وبعد نهار طويل من النقاشات والسجالات قررت اللجنة الوزارية الصحية إقفال البلاد بدءا من صباح الخميس 7 كانون الثاني حتى الأول من شباط . والى جانب تحدي إنجاح الإقفال وضب الناس المتهافتة الى الموت وسجنها في منازلها بالقوة، وقد بلغنا مرحلة موت القطيع لا مناعة القطيع، يبرز تحد ثان من شقين: تأمين اللقاحات بعدما سرت معلومات عن تأجيل التوقيع مع شركة فايزر ، مع خوف مشروع من ان يصل بعد فوات الأوان خصوصا انه لن يشمل أكثر من 15% من المواطنين . والثاني كيفية إيصاله وعدالة توزيعه ، ولنا مع الدولة اكثر من تجربة سيئة ، في الطحين والمستلزمات الطبية والدواء والوقود والمواد الغذائية، والمستشفيات الميدانية ، والسبحة تطول.

الشأنان السيادي والسياسي وضعهما اسوأ من الشأن الصحي . في السيادي، الدولة اللبنانية التي تركت الجنرال الإيراني علي حاجي زاده ، يزودها عليها ويعتبرها رقعة أرض سائبة لإيران ومرتعا لصواريخها ، ولم يجرؤ رجل فيها على إسكاته بالقول له : “حاجي يا زادة ، كلامك مش مقبول “. من هنا ترى أوساط سيادية ضرورة التوجه الى المجتمع الدولي لحماية لبنان من منظومته، التي وبعدما تركت شعبها طعاما للإفلاس والفقر والمرض ، ها هي تنقله جريحا نازفا وترميه على ممر الفيلة الإقليمي ، ورقة تفاوض في يد طهران في مسرحية صراعها مع إسرائيل والأميركيين . اما في الشأن السياسي فالوضع أسوأ ، وقد بدا ينطبق علينا مبدأ الأوعية المتصلة : لا حكومة يعني لا اقتصاد و لا صحة ولا سيادة . لا سيادة يعني لا استثمار ولا إعمار انما استجلاب للدمار. ولنا في نزيف التهريب الى سوريا ، والذي ستشاهدونه في تقرير في سياق النشرة دليل آخر على التواطؤ السافر بين المنظومة وكل ما من شأنه تدمير لبنان .

وسط هذه الجهنم ، رحل الياس آخر حبات الرعيل الأول من العنقود الرحباني ، لقد شعر منذ زمن بأن لبنان ما عاد يشبه لبنان الذي بناه مع عاصي ومنصور ، لبنان جبال المجد والعز والطبيعة الخضراء فاحتجب وانتظر وطال انتظاره فسافر الى دنياه المتخيلة. نعم لقد رحل الموسيقي المرهف المفعم بالفرح ، و أقل ما يقال في وصف عبقريته وفرادته، إن الموسيقى تشبه من لحنها ، لكن ميزة الياس الرحباني أنه كان يشبه موسيقاه “.